قفزات غير مسبوقة في إيجارات المنازل بدمشق.. وشروط يعجز عنها المستأجرون

دمشق – نورث برس

تشهد العاصمة السورية دمشق أزمة سكن غير مسبوقة وارتفاع أسعار إيجارات المنازل، لا سيما مع بدء دوام طلاب المدارس والجامعات منذ حوالي شهر.

ويقول سكان إن قيمة الإيجارات ارتفعت أضعافاً خلال الشهرين الماضيين، وبات تحديدها يخضع لرغبات أصحاب المنازل والمكاتب العقارية دون تدخل حكومي يضع حداً لارتفاعها أو معايير لتحديد قيمتها.

واضطر زيد الجاسم، وهو اسم مستعار لموظف مستأجر في حي ركن الدين، إلى الانتقال إلى منطقة صحنايا في ضواحي العاصمة بسبب قيام صاحب الغرفة برفع الآجار ثلاثة أضعاف.

وقال لنورث برس: “كنت أدفع 50 ألف ليرة ثمن إيجار غرفة صغيرة جداً، لكن تفاجأت قبل أيام باتصال من صاحب المنزل، ليطالبني بدفع 150 ألفاً شهرياً.”

ويأتي ارتفاع الإيجارات في دمشق بعد رفع الحكومة السورية لأسعار المحروقات والخبز، ما يخيف السكان من تفاقم الظروف المعيشية المتدهورة أصلاً في جميع مناطق سيطرة الحكومة السورية.

وينقل “الجاسم” عن صاحب الغرفة قوله: “إن لم يكن لديك إمكانية للدفع، أخرج قبل أن أرمي أغراضك في الشارع.”

وتتراوح أسعار الآجارات في مناطق المخالفات بأحياء ركن الدين والمزة-86 ودف الشوك ومساكن برزة بين 200 و400 ألف ليرة سورية.

بينما تتجاوز أسعارها في مناطق ضمن المخطط التنظيمي للعاصمة 500 ألف ليرة.

كما يشتكي من يبحثون عن منازل إيجار في دمشق من شروط “تعجيزية”، كالمطالبة بدفع إيجار عام كامل ومبالغ مضافة وتأمينات مختلفة إلى جانب ما يطلبه المكتب العقاري.

وقالت سهام العلي، وهو اسم مستعار لامرأة تسكن مع طفلها في منزل استأجرته في حي دويلعة، إنها كانت تدفع 100 ألف ليرة شهرياً أجرة شقة مؤلفة عن غرفتين ومنافع، لكن صاحب الشقة طلب منها الإخلاء خلال شهر.

وكانت “العلي” قد تنقلت في الأعوام السابقة بين منازل في أكثر من حي في العاصمة، وتذكر أنها قامت مرة ببيع قطعة ذهب خاص كانت تملكها منذ زفافها قبل خمسة أعوام لتتمكن من استئجار منزل في حي المزة.

وأضافت لنورث برس أن مطالبة أصحاب المنازل والمكاتب العقارية بدفع أجرة ستة أشهر أو عام مُقدّماً جعلها تقف عاجزة أمام المبلغ “الكبير” المطلوب لانتقالها لمنزل جديد.

ورغم قيام الأم برحلة بحث متنقلة من حي لآخر، لكنها لم تتمكن من إيجاد منزل يناسبها ويأويها مع طفلها .

“كلما دخلت إلى مكتب عقاري في مناطق المخالفات، طلبوا مني أسعاراً خيالية لستة أشهر أو عام مُقدّماً.”

ويرجع عاملون في قطاع العقارات ارتفاع أسعار الإيجارات في دمشق إلى الطلب الكبير عليها بسبب الكثافة السكانية الكبيرة فيها نتيجة نزوح أعداد كبيرة إلى مركزها من المناطق المحيطة بها ومن باقي المحافظات نتيجة المعارك التي دارت فيها.

وكذلك بسبب توافد الآلاف من الطلبة الجامعيين الجدد من باقي المحافظات سنوياً للدراسة في الجامعات الحكومية والخاصة فيها، بعضهم يحضرون رفقة عائلاتهم بسبب صعوبة وتكاليف التنقل بين المحافظات البعيدة والعاصمة دمشق.

وقال “أبو علي”، وهو اسم مستعار لصاحب مكتب عقاري في وادي المشاريع: “إذا افترضنا أن ثمن آجار المنزل 200 ألف شهرياً، وطالب صاحبه بأجرة ستة أشهر مقدماً، وهو ما يحدث غالباً، فنحن نتحدث عن مليون و200 ألف.”

 وأضاف: “يضاف إليها 100 ألف ليرة كتأمين، وأجرة شهر إضافي ككمسيون للمكتب، وكذلك إذا تم دفع التكاليف الإضافية كعقد الآجار والموافقة الأمنية، يكون على المستأجر أن يدفع حوالي مليون و700 ألف لنصف عام.”

ولفتَ “أبو علي” إلى أن هذا المبلغ بالنسبة لمنزل “بأدنى المواصفات”، أما إذا كان المنزل بمواصفات جيدة وموقع مقبول، فستتراوح تكلفة إيجاره ما بين أربعة وخمسة ملايين ليرة سورية سنوياً.”

 إعداد: وحيد العطار – تحرير: حكيم أحمد