المسرح الجامعي في اللاذقية.. مبدعون حالمون وميزانيات ضعيفة
اللاذقية – نورث برس
ينتقد مسرحيون ومشاركون سابقون في المسرح الجامعي في مدينة اللاذقية، في الساحل السوري، غياب الدعم الحكومي لاستعادة نشاطاتهم.
ويرى هؤلاء العاملين في المسرح أن اللاذقية تمتاز بخصوصيتها في الاهتمام بالمسرح، إلا أنها لا تلقى الدعم الكافي للمواهب الكثيرة فيها.
وكانت نواة المسرح الجامعي في جامعة تشرين قد تأسست عام 1981، ولجأ مؤسسوه آنذاك إلى تجربة التأليف والإخراج الجماعي بسبب ضعف الإمكانات، فكانت عروض “حكاية من الميناء” و” ترلالا” وغيرها.
ورغم جهد عاملين في المسرح الجامعي في اللاذقية في طرح مشاريع لأعمال جديدة تتوافق مع الإمكانات القليلة، إلا أن شح الدعم يقف عقبة أمام تحقيق جزء من طموحهم في مؤسسة ترعى أعمالهم.
“ماض جميل”
ويتذكر قائمون على المسرح الجامعي ذلك الماضي “المشرق والجميل” الذي ضم تجارب هامة.
وقال المخرج هاشم غزال، وهو مدير المسرح الجامعي في جامعة تشرين، إن الانتاج توقف قسرياً بين عامي 1992 و1996، “نتيجة الصعوبات المالية التي واجهت الفرق.”
وأضاف لنورث برس: “ثم شكلت عروض إدارة عموم الزير، وسهرة مع سعدالله ونوس، وأول من صنع الخمر، بداية جديدة رسمت للمسرح الجامعي في جامعة تشرين صورة مشرقة وبنت له قاعدة جماهيرية تابعته بشغف.
ولفت “غزال” إلى أن تقديم العروض آنذاك ترافق مع العمل على تنمية مواهب الجامعيين، من خلال إقامة ورشات لتدريب ممثلين، شارك فيها أكاديميون كالراحل نضال سيجري والفنان جهاد سعد وغيرهم.
وكانت حصيلة تلك الورشات أكثر من 30 عملاً مسرحياً، آخرها عرض “الحافلة” في اللاذقية وحلب نهاية العام 2018، بحسب مدير المسرح الجامعي في جامعة تشرين.
وقالت رغداء جديد (34 عاماً)، وهي ممثلة ومخرجة من مدينة اللاذقية، إن الجمهور في اللاذقية اعتاد منذ حوالي 40 عاماً على أن يرى عروضاً فنية “مهمة وقيمة” للمسرح الجامعي تجاوزت باقي المسارح في المحافظة رغم الدعم المحدود لها.
وأضافت لنورث برس: “هدفنا الأول في المسرح الجامعي هو بناء الفنان الحقيقي داخل الطالب المسرحي الجامعي، بدءاً بالأخلاق المسرحية مروراً ببناء جسده وانتهاء بالبحث والمعرفة.”
وتعتقد “جديد” أن سر نجاح المسرح الجامعي هو ارتقاؤه عن الماديات، وأن البناء على أسس سليمة يؤدي إلى نتائج لابد أن تكون رائعة.”
مشاريع وعراقيل
ومع تخفيف الإجراءات الاحترازية بسبب فيروس كورونا، يقوم المسرح الجامعي حالياً بالتحضير لورشة عمل مؤلفة من 45 طالب وطالبة، لإنتاج عملين مسرحيين.
كما وتجري بروفات لعرضين مسرحيين، يحمل أولهما اسم “بيت على الحدود” من إخراج رغداء جديد، أما الثاني فهو إعادة اخراج عرض “شوكولا” للمخرجة رغداء شعراني.
وقال مدير المسرح الجامعي أيضاً إن التحضير جار لإطلاق الدورة الثانية لمهرجان “الاستديو” الذي يعتمد على أعمال صغيرة بميزانيات صغيرة وعدد محدود من الممثلين ضمن استديو التدريبات.
وتُقام عروض “الاستديو” على خشبة مسرح صغيرة تعتمد على أجهزة إضاءة قديمة ، بينما يتسع المكان لحوالي 60 متفرجاً.
ويطمح “غزال” ومسرحيون آخرون في جعل المسرح الجامعي مؤسسة مسرحية مستقلة ترصد لها ميزانية خاصة، لكن ما تقدمه منظمة الاتحاد الوطني لطلبة سوريا لا يكفي ذلك.
وانتقد مدير المسرح الجامعي وسائل الإعلام التي لا تغطي نجاحات المسرح الجامعي، ولفت إلى أن الإعلام الرسمي اكتفى بإيراد خبر حصولهم على الجائزة الأولى في إحدى المهرجانات على الشريط الاخباري لمدة ساعتين .
لكن الناقد المسرحي ياسر دريباتي، يرى أنه الحديث عن أيام الزمن الجميل للمسرح الجامعي في جامعة تشرين، “يُبقي الصورة ناقصة، لأن تجارب مسرحية هامة ومتباعدة لا تصنع مسرحاً.”
وأضاف لنورث برس: “الأمر يحتاج مؤسسة راعية وداعمة ومواكبة للمسرح بشكل خاص والثقافة بشكل عام.”
ويرى الناقد أن “مبدعين حالمين طرقوا باب المسرح الجامعي في جامعة تشرين، أنجزوا عرضاً أو اثنين ثم ذهبوا.”
ولفت دريباتي إلى الآلية الإدارية الجيدة لفرقة المسرح الجامعي منذ سنوات، “إلا أن المسرح يحتاج أكثر من ذلك.”
وشدد على أن وظيفة المسرح هي إحداث تغيير في البنية الاجتماعية ونشر ثقافة التغيير عبر إثارة البحث والسؤال ودفع المتفرج لتأمل ما يجري حوله.”
“فكر تعبوي”
ورأى الممثل قيس زريفة (36 عاماً)، وهو ممثل مسرحي سوري، أن بعض عروض المسرح الجامعي في اللاذقية “وقعت بمطب الفكر التعبوي وبعضها عالج مشاكل آنية ولحظية، كما وقعت بعض العروض بمطب المنولوجات الطويلة.”
وأضاف: “الحرب دفعت بهذا الاتجاه، ولكن بالنهاية نحن نتحدث هنا عن طلاب جامعة مازالوا في البدايات.”
ويرى “زريفة” أن هذه المطبات لا تشكل سمة عامة لعروض المسرح الجامعي “الجديرة بالاحترام.”
دعم غائب
واستغرب علي يونس، وهو مسرحي وممثل كوميدي، مما وصفه بـ”الإهمال الشديد” تجاه توقف العمل في بناء المسرح الجامعي في اللاذقية منذ سنوات طويلة.
وتساءل: “لماذا لا يتم افتتاح معهد عال للمسرح في اللاذقية؟ فهي تعج بالمواهب ولن ينقصها كوادر تدريسية.”
ولفت “يونس” إلى أن هناك جامعات خاصة اختارت اللاذقية لتفتتح بها أقسام لتدريس المسرح لأنها انتبهت إلى خصوصية المدينة، لكن الجهات العامة لم تعتبر ذلك أولوية لها.