السويداء- نورث برس
في مشهد يتكرر، وبدل أن يكونا في مدرستهما، ينبش طفلان، يبدوان في العاشرة من العمر، في محتويات حاوية قمامة أمام أحد المساكن في مدينة السويداء جنوبي سوريا.
ويتسبب غياب الخطط الحكومية وتفاقم التدهور المعيشي وغياب الحلول من الهيئات الاجتماعية التابعة للحكومة السورية بتزايد أعداد هؤلاء الأطفال في الشوارع يوماً بعد آخر.
يسأله أحد المارة الطفلين عمّا يفعلانه وعن أسرتهما، إلا أنهما يجيبان بسؤاله إن كان يريد مساعدتهما ببعض المال.
ويقول أصحاب محال إنهم يشاهدون يومياً عشرات الأطفال من أمثالهما يجوبون الشوارع متسولين أو باحثين بين الأكياس الملقاة هنا وهناك.
وقال مسعود الرمحين (47 عاماً)، وهو صاحب محل تجاري في السويداء، إن مشهد الأطفال المشردين الذين يتنقلون بين الأرصفة والشوارع يتكرر كل يوم، وإنهم في ساعات أخرى يبحثون في الحاويات أمام المحال.
وتساءل في حديث لنورث برس: “أين الجهات الحكومية والجمعيات الأهلية والمحلية في محافظة السويداء من هكذا ظاهرة باتت تؤرق العيون والقلوب؟”
وتتزايد أعداد أطفال يدورون في الشوارع طوال اليوم، تتراوح أعمارهم بين السادسة و الـ12، بحسب سكان وأصحاب محال في المدينة.
وقال زاهر أبو شاش (52 عاماً)، وهو باحث اجتماعي من سكان السويداء، إنه يصادف أحياناً نهاية النهار أطفالاً لا تتجاوز أعمارهم العاشرة، يلجؤون إلى حدائق أو منازل مهجورة داخل المدينة أو يستلقون تحت الجسور.
وأضاف لنورث برس: “علامات الإرهاق والأرق والجوع ظاهرة على أولئك الأطفال الذين قضوا يومهم في التجوال في شوارع المدينة.”
ويحذر “أبو شاش” من أن ظاهرة “أطفال الشوارع ” قد تعرض كثيرين منهم لمخاطر استغلالهم في التسول والتحرش والخطف من قبل مجرمين أو عصابات.
ويرى أن أسباب هذه الظاهرة تعود إلى تهالك الوضع الاقتصادي المتهالك، ما يدفع حتى أطفال عائلات لمغادرة بيوتهم الخاوية من الحاجيات الأساسية والطعام والدفء الأسري الذي يحتاجونه.
من جانبه، قال إداري سابق في مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل في السويداء، طلب عدم نشر اسمه، إن محاولات “خجولة” بُذلت لمعالجة ظاهرة “أطفال الشوارع”، إلا أنها لم تحقق تأثيراً على الأرض.
وأحدثت مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل، وبالتشبيك مع المجتمع المحلي، ورشات عمل لبحث جذور هذه المشكلة الاجتماعية، إلا أن المعالجة لم تتم بسبب غياب الدعم الحكومي، بحسب المصدر نفسه.
وحذر الإداري السابق في “الشؤون الاجتماعية” من عواقب خطرة لظاهرة تشرد الأطفال قد تؤدي إلى استغلالهم في الترويج للمخدرات وامتهان السرقة والانجرار وراء الجريمة.