مزارعون بريف اللاذقية يقللون من قيمة الوعود الحكومية بالتعويض

اللاذقية – نورث برس

ما بين التقارير التي رصدت على نحوٍ أولي الأضرار الناجمة عن الحرائق في الساحل وسط سوريا، ووعود المسؤولين الحكوميين بالتعويض، يقف مزارعون متضررون حائرين يتساءلون عن معالجة نتائج الحرائق التي التهمت أرزاقهم.   

ووفقاً لمعطيات لجان التحقيق التي شكلتها الحكومة السورية، فإن المساحات المتضررة تصل إلى /11448/ هكتاراً، وهو ما يعادل، بحسب اللجان، /5.9/ % من مجموع المناطق الزراعية والحراجية في محافظات حمص وطرطوس واللاذقية بسوريا.

وكانت الحكومة السورية قد أطلقت وعوداً حيال البحث عن سبل تعويض المزارعين، وذلك في أعقاب زيارة الرئيس السوري بشار الأسد للمناطق المتضررة من الحرائق في الساحل.

“فتات”

وقالت غيداء عباس، وهي ربّة منزل من قرية الفاخورة بريف القرداحة جنوب شرق اللاذقية، إن أحداً لم يستلم تعويضات حرائق السنوات الماضية حتى يعلّقوا آمالاً على وعود الحكومة بتعويضات الحرائق الأخيرة.

واتهمت “عباس” اللجان الحكومية والمسؤولين بجمع التبرعات و”التسوّل” على حساب المتضررين، والاستيلاء على القسم الأعظم منها لحسابهم الشخصي، “ينتهي كل شيء في جيوبهم ولا نحصل إلّا على الفتات.”

وقال: “انظر إلى المعونات كيف تُعرض للبيع على أرصفة المدينة (…) من حبّة الرز حتى الشواحن والخيم والزيت والسكر والبرغل والمراوح والبطانيات.”

وكان الرئيس السوري بشار الأسد قد وصف خلال زيارته لريف اللاذقية، الحرائق التي طالت الساحل ووسط سوريا بـ”الكارثة الوطنية”، وأطلق وعوداً بأن تتحمّل الحكومة العبء الأكبر من الدعم والتعويض. 

وعودٌ غير مثمرة

وقالت لطيفة ملك، وهي موظفة متقاعدة وربّة منزل من قرية قمين التابعة لناحية الفاخورة بريف اللاذقية، إنه ليس هناك ما يعوضهم عن خسائرهم بعد أن صيّرت الحرائق شقاء العمر إلى رماد.

وتتحسّر “ملك” على أشجارها، وتشكك في جدوى الوعود الحكومية بتقديم شتلات لزراعتها، “غداً سيقدّمون لنا شتلات زيتون وليمون لنزرعها، وعلينا أن نهرم ونحن ننتظر ثمارها وإنتاجها.”

ويتساءل مزارعون متضررون عن سبل ومصادر العيش طيلة الأعوام التي يستغرقها إزهار وإثمار تلك الشتول المأمولة، وعن التقييمات التي يقولون إنها ستجري وفقاً للرشاوى التي ستُقدَّم للجان الحكومية.

وكانت الحكومة السورية قد أقرت مؤخراً خطةً وصفتها بالـ”متكاملة” لتعويض المتضررين من الحرائق في اللاذقية وطرطوس وحمص ومنطقة الغاب.

 وجاء قرار الحكومة السورية بعد خمسة أيام من إصدار الرئيس السوري قراراً بصرف عشرة ملايين ليرة سورية لكلِّ قرية متضررة.

كما أطلقت غرفة صناعة دمشق وريفها مبادرةً حملت عنوان “برداً وسلاماً سوريا” لدعم المتضررين من الحرائق التي اندلعت في البلاد، وبلغت نحو /200/ مليون ليرة سورية.

وعن المبادرة والتعويضات، قال أبو حبيب غنام، وهو اسم مستعار لمزارع من منطقة رأس البسيط شمال اللاذقية، إن المبالغ التي تم تخصيصها لا تغطي شيئاً من التكاليف.

وأضاف: “إذا ما أخذنا بعين الاعتبار انحدار قيمة الليرة السورية حتى حصولنا على التعويض، والارتفاع الجنوني للأسعار، وتقسيط المبلغ على ثلاث دفاعات خلال سنين، فما هي فائدة التعويض؟”

ويحذّر اقتصاديون من هجر مزارعين لأراضيهم والبحث عن مصادر أخرى للعيش في ظل عجز الحكومة عن إيقاف الحرائق التي تحصد الأحراج والمزارِع وعدم وجود فرق مختصة وخطط حكومية لمواجهة الكوارث التي يُخشى تكراراها.

وعن خطط الحكومة بتقديم قروض للمزارعين المتضررين من الحرائق، قال سليمان أبو معروف، وهو اسم مستعار لمزارع من ريف اللاذقية، إنهم ما يزالون يعانون من تبعات القروض الحكومية القديمة.

وأضاف: “يعدوننا بصرف قروض بينما لم ننتهي من القديمة بعد (…) محاصيلنا تُباع بأسعارٍ بخسة وأحياناً لا نقوم بجنيها حتى نوفّر الجهد المهدور، فالأسعار لا تغطي تكاليف الإنتاج.” 

أشجار لا تُعوّض

وتساءل بركات سليم، وهو مهندس زراعي من اللاذقية، عن كيفية تعويض المزارعين المتضررين عن الأشجار التي يزيد عمر أغلبها عن عشر سنوات.

“اليوم، أي شجرة تحتاج على الأقل لخمس سنوات حتى تبدأ بالإنتاج، وهناك أنواع غابيّة وحراجيّة تقع ضمن أملاك المزارعين وتحتاج لأكثر من ذلك.”

وكان حامد غزال، وهو دكتور محاضر في كلية الزراعة بجامعة البعث الحكومية بحمص، قد قال في تصريحٍ سابقٍ لنورث برس، إن تعويض الغراس لن يعطي النتيجة المطلوبة بصورة سريعة.

وأشار إلى أن الأشجار المحترقة ستحتاج لأجيال زراعية لتعود إلى عطائها وإنتاجيتها السابقة، لا سيما الزيتون، “أما الحراج فستحتاج وقتاً مضاعفاً.”

إعداد: محمد الشيخ – تحرير: عبدالله شيخو