اللاذقية – نورث برس
تفاوتت ردود أفعال سكان في اللاذقية حيال المرسومين الرئاسيين اللذين أصدرهما الرئيس السوري بشار الأسد، والذين قضيا بمنحة مالية لمرة واحدة للعاملين المدنيين والعسكريين في المؤسسات الحكومية.
وأصدر الرئيس السوري بشار الأسد في الـ/21/ من تشرين الأول/أكتوبر الجاري، مرسومين رئاسيين قضى الأول بصرف منحة لمرة واحدة بمبلغ مقطوع وقدره /50/ ألف ليرة للموظفين، فيما قضى الثاني بمبلغ مقطوع وقدره /40/ ألف ليرة للمتقاعدين.
ويرى هؤلاء السكان أن هذه القرارات قد تغيّر في حركة الأسواق وتعود سلباً من جهة ارتفاع أسعار المواد الأساسية، بالتزامن مع عجز الحكومة عن ضبط الأسواق.
وقال محمد عيسى (50 عاماً)، وهو من سكان مدينة اللاذقية ومعيل لثلاثة أبناء، إن السكان لم يتعافوا بعد من رفع وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك لأسعار المحروقات، والذي سينعكس “حكماً على السوق بشقيه التجاري والصناعي.”
وأضاف أنهم باتوا يخشون دوماً من الضربة التالية، “فنحن بالكاد نؤمِّن لقمة العيش.”
وكانت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك قد رفعت سعر اللتر الواحد من مادة الديزل (المازوت) الصناعي والتجاري الحر إلى /650/ ليرة بدلاً من /296/ ليرة، بينما وصل سعر اللتر الواحد من مادة البنزين “الأوكتان 95” غير المدعوم إلى /1050/ ليرة والذي سبق أن رفعته في الربع الأول من هذا الشهر إلى /850/ ليرة بدلاً من /450/ ليرة.
وقالت فرح شكري، وهو اسم مستعار لموظفة متقاعدة من اللاذقية، إن رفع أسعار المحروقات أثقل كاهل السكان، لأنه “انعكس مباشرةً على الأسعار في السوق، وطال حتى المواد المستعملة والأسواق الشعبية والبسطات.”
وأضافت وهي تشير بلغتها المحكية وبتهكم: “بعد المنحة، رح نكتوي بالأسعار أكتر وأكتر، من المواصلات لأسعار الخضار الأساسية والبيض والحليب واللبنة (…)، شو بدي أحكيلك لأحكيلك؟”
وأشارت إلى أن السكان يعجزون عن مجرد التفكير بشراء اللحوم والفواكه، “حتى أرخص قطع الدجاج لا نستطيع شراءها (…)، وإن لم يتكرّم علينا ذوي القربى في الريف بما تجود به أراضيهم من فاكهة، فلن نستطيع تناولها أبداً.”
مسؤولون مرفّهون
وقال رامي مصري، وهو اسم مستعار لموظف متقاعد، إن الوضع الحالي يكشف عن “حقيقة الأداء الحكومي”.
وأضاف “مصري” الذي قال إنه معتقل رأي سابق في سجون الحكومة السورية، أنه يعمل /12/ ساعة يومياً ليستطيع الاستمرار “والبقاء على قيد الحياة.”
وقال إن الحكومة تتحدث منذ عقود عن التضحية بالغالي والنفيس فداءً للوطن، وتتحجج بالحصار، “لكن يبدو بأن الحصار يستهدف الشعب الفقير فقط.”
وأضاف أن السكان يروون المسؤولين في مقدمة وواجهة أي منتجع ترفيهي في العالم، ومع أحدث منتجات الغرب الاستهلاكية والترفيهية، “ونحن نغرق في الفقر والجوع، فداءً للوطن.”
“مكرمتان” لا تغنيان من جوع
وقالت نور علي، وهو اسم مستعار لمعلمة مدرسية وأم لثلاثة أبناء، إن زوجها مصاب مدني خلال دفاعه عن قريته، وهو عاطلٌ عن العمل حالياً، “المنحة لا تعيننا على الإطلاق.”
وأضافت أن ما يحدث يفوق القدرة على التحمّل وأن هذه “المكرمات” لا تغني من جوع، وأنهم لا يرغبون بمنح وزيادات على الرواتب بقدر ما يرغبون باستقرار الأسعار وضبط الأسواق، على حدِّ قولها.
وقالت “علي” إن المنحة بالكاد تغطي تكاليف المستلزمات المدرسية لأحد أبنائها، بينما أثرت المنحة التي صُرفت لمرة واحدة وانتهت، على الأسعار التي تسير في تصاعد مستمر، “فالبيضة الواحدة صارت بـ/200/ ليرة سورية.”
وينتقد سكان وموظفون الزيادات والمنح المالية للموظفين، والتي تساهم وفقاً لقولهم في ارتفاع جنوني بالأسعار وتلبي حاجة التجار في تحريك الأسواق الراكدة بسبب ضعف القوة الشرائية للسكان الذين يشعرون أن قانون قيصر يستهدف لقمتهم لا الحكومة.
وأضافت المعلمة نور علي بنوعٍ من السخرية والتهكم: “شو قيصر ما بيشتغل على الآيفون الأميركي، بس على البيضة وربطة الخبز.”
والأسبوع الفائت شهدت العاصمة دمشق، عرض أحدث نسخة لهاتف “آيفون” بأسعار تتراوح بين ثلاثة ملايين ونصف المليون وخمسة ملايين ونصف المليون ليرة سورية، بينما يبلغ متوسط الأجور في سوريا نحو /50/ ألف ليرة.
وكانت شركة إيماتيل التي تدور أحاديث عن عودة ملكيتها إلى رجل الأعمال خضر طاهر، وزوجة الرئيس السوري، أسماء الأسد، قد عرضت الهاتف نهاية الشهر الفائت رغم شمولها بقانون العقوبات الأميركية “قيصر”.