كوباني.. تشكيلي يستقطب المواهب ومرسم يتيح تنمية مهاراتهم في الرسم

كوباني – نورث برس

تواظب هديل محمد (16 عاما) منذ أشهر على تطوير موهبتها في فن الرسم إلى جانب شابات في مرسم صغير بمدينة كوباني شمال شرقي سوريا.

 والمرسم ليس إلا قبواً في شارع التلل وسط مدينة كوباني، تجتمع فيها الفتيات الراغبات بتطوير موهبة الرسم لديهن بإشراف الفنان التشكيلي محمد شاهين.

طموح

ولا تزال هديل محمد في المرحلة الأولى من التدريب حالياً، إذ تتدرب على الرسم باستخدام قلم الرصاص فقط، إلى أن يتحسن مستواها.

وتقول الشابة لنورث برس إن هدفها المستقبلي هو أن يتحسن مستواها وتصبح قوية حتى تستطيع الاعتماد على نفسها في الرسم.

وتضيف أنها استطاعت رسم ثلاث لوحات منذ التحاقها بالمرسم، اثنتان منها “بورتريه” لوجوه أشخاص، و الثالثة لوجه غزال.

وتأمل “محمد” أن تشارك مستقبلاً في معارض الرسم في مدينتها، وأن تصنع لها اسماً هذا العالم السحري بالنسبة لها.

كما تحلم الشابة أن تصبح فنانة تشكيلية، بعد تعلم كل طرق الرسم وأساليبه، سواء الرسم على الورق أو القماش أو على الجدران.

وتود “محمد” أن تستطيع في قادم الأيام انجاز لوحات تعبر عن الوضع الاجتماعي في منطقتها.

مواهب شابة

وليس بعيداً عن هديل تقف إلهام عيسى (21 عام) التي تقصد المرسم منذ نحو عامين بعدما أنهت الدراسة في قسم الرسم بمعهد إعداد المعلمين.

وتقول “عيسى” التي تُدرس في المرحلة الابتدائية لنورث برس: “في معهد إعداد المعلمين كانت مدة الدراسة قصيرة والإمكانات أيضا كانت ضعيفة.”

ولأنها كانت تشعر بوجود نقص في مهاراتها لجأت إلى اتباع “كورس خاص” لدى الفنان محمد شاهين حتى تستطيع تعلم المزيد من تقنيات الفن التشكيلي وأساليبه.

وتضيف “عيسى” أنها تعرفت على طريقة وأسلوب جديدين في الرسم ما سهل عليها الانتقال لمستويات متقدمة.

وتشير “عيسى” إلى أن الانتقال من مرحلة رسم إلى أخرى يعتمد على اتقان المتدرب للمرحلة السابقة.

“لا يمكن الانتقال إلى الرسم بالفحم إلا بعد اتقان الرسم بالرصاص، ولا الانتقال إلى الرسم بألوان “الباستيل” إلا بعد إتقان الرسم بالفحم”، وفق قولها.

وتوضح “عيسى” أنها باتت ترسم حالياً بألوان الباستيل التي تجد فيها شيئاً مختلفاً، وقد أنجزت حتى الآن مجموعة من اللوحات بهذه الألوان.

وتفضل الشابة انجاز لوحات حول مواضيع اجتماعية وفلكلورية خاصة بمنطقتها، وأخرى عن أثار الحرب التي شهدتها كوباني العام 2014 وتركت تأثيرها في ذاكرتها.

وتقول “عيسى”: “المناطق المدمرة تذكرني بطفولتي والشوارع التي كنت أمشي فيها مع أصدقائي، أراها حالياً مدمرة، وخالية منهم. كثيراً ما أجلس فيها وأبدأ بالرسم”.

ويبدو أن الأوضاع الاقتصادية الصعبة وارتفاع الأسعار على خلفية انهيار الليرة السورية ترك تأثيره على قدرة المتدربين و المتدربات على شراء الألوان، كما أن اللوحات باتت تكلف كثيراً.

وتشكل المتدربات من الفتيات في مقتبل العمر، غالبية الذين يقصدون المرسم لتطوير مواهبهن الفنية.

خمس سنوات وصعوبات

ويعود افتتاح المرسم إلى أكثر من خمس سنوات، بعدما استقر الفنان محمد شاهين في المدينة وأراد تنمية وتطوير المواهب في مدينته التي بقي بعيداً عنها لسنوات طويلة.

قبل ذلك كان “شاهين” يقيم في حي “مساكن هنانو” وقد فقد مرسمه وأكثر من /50/ لوحة من أعماله بعد دخول فصائل “الجيش الحر” إلى الحي مع بداية الأحداث في محافظة حلب.

ويقول “شاهين” أن المرسم شهد إقبالاً تدريجياً حتى وصل أعداد المتدربين لديه إلى نحو/50/ متدرباً.

لاحقاً ساهم الفنان في تنظيم معرض سنوي لطلابه في المدينة خلال العامين 2018 و2019، إلا أنهم تأخروا في تنظيمه لهذا العام نتيجة جائحة كورونا.

ويشير “شاهين” إلى أن لا يزالون مستمرين في نشاطهم إلا أن عدد المتدربين انخفض جراء انتشار كورونا، عدا أن التهديدات التركية أيضا تسبب بترك بعض المتدربين لدوراتهم والسفر خروجهم من المنطقة.

وكان عدد المتدربين قد وصل قبل ذلك إلى نحو /70/ متدرباً إلا أنه انخفض إلى نحو /40/ طالب حالياً بحسب شاهين.

 ويخطط الفنان حاليا لتجهيز محل لبيع اللوحات التي ينجزها متدربوه حتى يستطيع بيعها ويؤمن استمرارية لنشاطهم، “رغم ضعف ثقافة اقتناء اللوحات بين السكان في المدينة”، وفق تعبيره.

ويرى أن بيع لوحات الطلاب قد يشجع الطلاب على الاستمرار في رسم اللوحات.

كما يأمل “شاهين” بافتتاح مجمع ثقافي فني يضم قسماً خاصاً لتعليم الراغبين على فن النحت، وقسم لدورات الموسيقا ودورات في اللغات إضافة لمقهى ثقافي صغير يجمع المهتمين بالشأن الثقافي.

ويقول التشكيلي محمد شاهين: “أنا لا أيأس لذا عدت إلى ألواني في هذا المرسم لأساعد المواهب في كوباني من جهة، ولأحمل ريشتي كسلاح.. أدافع بها وبألواني عن قضيتي وعن الكرد.

إعداد: فتاح عيسى- تحرير: جان علي