أولياء تلاميذ وتربويون في السويداء مستاؤون من ممارسات “طلائع البعث” في المدارس

السويداء – نورث برس

تفاجأ سامر البحري (40 عاماً)، وهو من سكان مدينة السويداء، جنوبي سوريا، برسالة ورقية من المدرسة أرسلت مع ابنه التلميذ في الصف الثالث، تتضمن طلب دفع 650 ليرة سورية.

 إتمام القراءة أفهم الأب أنها رسم تنسيب ابنه لمنظمة طلائع البعث، حيث ستتكفل الأخيرة بشراء مستلزمات” الرفيق الطليعي” من دفتر يتم فيه تدوين اسمه الكامل مع أنشطة تكتب في سجله، وفق ما ورد في الرسالة.

ورغم كل ما تعانيه عائلات التلاميذ من تأزم معيشي وما تتكبده من مصاريف لتأمين المستلزمات المدرسية باهظة الأسعار، إلى جانب تكاليف نقلهم التي ازدادت مع أزمة المحروقات ورفع أسعارها، يصر القائمون على المدارس في السويداء على ضرورة اقتناء “الدفتر الطليعي.”

“تشويه فكري”

وقال “البحري” لنورث برس: ” كان الأجدى بالقائمين على منظمة طلائع البعث مع قدوم فصل الشتاء صرف أموال على شراء ألبسة شتوية لتلاميذ من عائلات ذات دخل محدود ،وليس تكبيد الأهالي أعباء مادية إضافية لأشياء لم تعد تلقى اهتماماً وترحيباً من أحد.

وتساءل: “ماذا يمكن أن تقدم منظمة طلائع البعث للتلاميذ في المدارس غير “تعليبهم في قوالب بعثية هدفها تربية حزبية بعثية بائدة، لم تنفع الأجيال الماضية بشيء”.

“لا أود أن ينشأ ابني على قيم عملت على غسيل أدمغة الاطفال السوريين في سبيل تشويه أفكارهم وخلق أجيال تابعة وخانعة للأنظمة الاستبدادية.

 ولن يرسل الأب المبلغ مع ابنه إلى المدرسة، “ليس لأنه غير متوفر فقط، بل لأنه لا يؤمن بكل المنظمات البعثية القمعية والتي أودت بالبلاد إلى خراب وانحطاط، على حد تعبيره.

“تعليب طاقات”

ويُفرض الانتساب إلى منظمة طلائع البعث على الأطفال السوريين من الصف الأول الابتدائي إلى الصف السادس، ويتعلم فيها التلاميذ شعارات على شكل قسم يطلقها أمامهم مديرو المدارس والمشرفون في الاجتماع الصباحي في باحات المدارس.

وقال معلم في مدرسة ابتدائية بالسويداء، رفض نشر اسمه خوفاً من فصله من الوظيفة، إن “طلائع البعث” ما تزال وبعد خمسة عقود تزرع بداخل الأطفال “بذور التضحية في سبيل القائد المستبد”، على حد وصفه.

وأضاف: “لم يعد من المعقول السماح بالاستهتار بأطفالنا عبر مفاهيم القائد الخالد، والحزب القائد، والأب القائد، والقائد الرمز.”

ويرى تربويون أن المنظمة تهدف “لتعليب الطاقات العقلية للتلاميذ، وإغلاق الباب أمام المحاكمات والتحليل التي إن وجدت ستتيح الفرصة لخيارات مستقلة لجيل المستقبل، وتجعلهم يفكرون في تيارات فكرية بعيدة عن أهداف حزب البعث.”

وتتذكر أجيال سورية اجتماعات منظمة الطلائع خلال عقود ونشيدها “للبعث يا طلائع” وهيكلها التنظيمي الذي يتضمن طلائع وفرقاً، وتقارير دورية تتركز حول مواضيع تمجد حزب البعث و”الأب القائد”.

“تجربة مستوردة”

وقال ربيع رستم، وهو كاتب مسرحي لنصوص الأطفال، لنورث برس، إن الرئيس السابق حافظ الأسد استقدم تجربة طلائع البعث من كوريا الشمالية وأسسها في العام نفسه بعد الزيارة إلى كوريا عام 1974.

وأضاف لنورث برس أن “الشعارات العنصرية في فكر المنظمات البعثية في سوريا خلقت أجيال متشبعة بانتماءات وهمية جعلتهم يبتعدون أخلاقياً ووطنياً عن باقي مكونات وشعوب سوريا.”

وتساءل: ” كيف لمنظمة طلائع البعث أن تتجاهل الشعوب الأساسية والمكونات والقوميات الأخرى في سوريا والتي تعتبر شريكاً أساسياً في بناء الوطن كالكرد والسريان والآشوريين؟”

ويرى “رستم” أن الطفولة بحاجة الى الخيال والإبداع والحرية لا إلى قصاصة ورق واستمارات تُفرض على التلاميذ لزيادة أعداد المنتسبين.

إعداد: سامي العلي – تحرير: حكيم أحمد