أحاديث علنية في جامعة حمص عن “شراء المواد الدراسية الجامعية”

حمص- نورث برس

يزداد الحديث في جامعة “البعث” في مدينة حمص وسط البلاد، والجامعات السورية الأخرى، عن اجتياز بعض الطلبة لامتحاناتهم عبر دفع مبالغ مالية لأساتذة جامعيين.

ويمضي طلاب آخرون لأبعد من ذلك حين يتحدثون عن تعرضهم لابتزاز بعض الأساتذة من خلال “التحكم بأسئلة المادة من حيث الصعوبة ووضع عراقيل أمام نجاح الطلبة وتخرجهم.”

وقال أحمد صارم (21 عاماً)، وهو طالب هندسة مدنية في حمص، إن ما يحصل في كليته “تخطى حدود المعقول والمنطق، فهناك فساد كبير يتمثل في شراء المواد”، في إشارة إلى دفع رشى مقابل النجاح في مقررات دراسية.

وأضاف: “الناجح يكون أحد صنفين، إما نجح بجهد متواصل وغير قابل للطعن من قبل مدرس المادة، أو أنه اشتراها من الدكتور لقاء رشوة مالية محددة.”

كما يبرز اسم كلية الحقوق على رأس الكليات التي يجري الحديث حول بيع مقرراتها علناً مقابل مبالغ تتراوح بين مئة ألف ليرة سورية وليرة ذهب (مليون ليرة سورية).

وتختلف آلية الدفع بين التواصل المباشر مع مدرس المادة وعقد صفقة معه، أو البحث عن “مفتاح” لأستاذ المادة والذي يتقاضى بدوره عمولة من الطالب، بحسب طلبة في الكلية.

وقالت تيماء سمور (25 عاماً)، وهي متخرجة من كلية الحقوق، إنها نجحت بعد جهد كبير في بعض المقررات، بينما “اضطررت في أخرى لأن أدفع.”

لكنها أضافت، في مقابلة لنورث برس، أن معظم الطلبة ينجحون بعد جهود كبيرة وأنهم قد يتعرضون لعراقيل من خلال “تصعيب مادة” كي يدفع بعضهم لأحد الأساتذة.

ورغم أن “سمور” لا تعمم ما تصفه، إلا أنها تضيف: “الفساد صار علناً وجهراً وكل الجامعة تعرف به.”

وأفاد مصدر إداري من داخل الجامعة (رفض كشف هويته) نورث برس بأن شراء المقررات صار حديثاً علنياً في أروقة الجامعات السورية.

وأضاف أن التلاعب بالنتائج وغض نظر مجالس التأديب عن هذه الممارسات يفتح الباب أمام ازديادها عاماً بعد آخر.

وكانت الاتهامات بتلقي رشاوى قد ثبتت على ستة مدرسين جرى تحويلهم إلى المجلس القضائي، لكن الأخير بدوره لم يقم بتجريمهم أو حتى تغريمهم، بحسب ما ورد في محاضر لجان الانضباط لعام 2020 في جامعة البعث.

ويتم تنفيذ بعض هذه الاتفاقات عن طريق وضع الطالب لإشارة معينة على ورقة إجاباته الامتحانية، ليزور المدرس في منزله لاحقاً، ويقوم الاثنان بإخراج ورقة الإجابات والسماح للطالب بالكتابة عليها مجدداً واستكمال النقص، شرط أن يستخدم ذات القلم ذاته.

بينما يقول طلاب آخرون إن الطالب الذي دفع المال يتلقى أسئلة الامتحان وأجوبتها قبل يوم واحد من إجرائه.

من جانبها، قالت غدير (26 عاماً)، وهو اسم مستعار لمتخرجة من كلية الحقوق أيضاً، إن سنة التخرج قبل عامين كلفتها ثلاثة ملايين ليرة سورية.

وأضافت: “طبعاً أنا تخرجت ولا يمكن لي أن أعود وأنبش بماضي الكلية، ولكن هذا ما يحصل ويعرفه القاصي والداني.”

وتُختتم هذه الأحاديث غالباً بالإشارة إلى غالبية المدرسين الذين عانوا خلال السنوات الفائتة كغيرهم من السوريين من ظروف قاسية، لكنهم لم يخضعوا لمغريات الفساد.

وقال الدكتور ماجد حلوم، وهو أستاذ جامعي في كلية الآداب بجامعة حمص، إن ما يحصل مرده الحرب بصورة رئيسية.

لكنه أضاف: “لا أوافق على الطرح الذي يقول أن الفساد صار قاعدة، هو موجود وبكثرة، وليس دفاعاً عن زملائي، ولكن هناك كثيرون لم ولن يوافقوا أن ينخرطوا في عجلة الفساد هذه.”

 وشدد “حلوم” على أن ما يحصل “يسيء للمدرسين وللعملية التعليمية، ولعله أحد أبرز أسباب تدني القيمة العلمية والترتيب العالمي للجامعات السورية.”

إعداد: آدم أفرام- تحرير: حكيم أحمد