أزمة البنزين بالسويداء تخلّف مشكلة نقل و تدفع سائقي الأجرة للبحث عن بدائل
السويداء – نورث برس
منذ أن رفعت الحكومة السورية الدعم عن مادة البنزين وارتفع سعرها إلى الضعف، لم تعد مهنة التكاسي في محافظة السويداء مرغوبة لدى أصحابها.
بل بات الكثيرون من أصحاب سيارات الأجرة يبحثون عن مهن أخرى تعيلهم على تغطية مصاريف أسرهم واحتياجاتهم الخاصة.
فارتفاع سعر البنزين بشكل غير مسبوق دفع الكثير من السائقين إلى رفع أجرتهم لكن ذلك تسبب بعزوف الكثير من السكان عن طلب سيارات الأجرة مع تدهور الأوضاع الاقتصادية.
وقال إبراهيم المصري (35عاماً)، وهو صاحب تكسي عمومي من سكان السويداء، اضطر مؤخراً لبيع سيارته: “ما ذنبنا إذ اضطررنا إلى زيادة التسعيرة تماشياً مع رفع أسعار البنزين من قِبل الحكومة.”
وأضاف “المصري” أن انخفاض مردود السيارة دفعه إلى بيعها رغم أنها كانت لخمس سنوات خلت المصدر الوحيد لدخل عائلته.
وبات الشاب مضطراً اليوم للبحث عن عمل آخر أكثر نفعاً، “باتت مهنتي في ظل الظروف القاسية التي نعيشها غير مجدية للتكسّب وتغطية مصاريف أسرتي.”
ومع تصاعد أزمة البنزين، بات سائقو السيارات يضطرون إلى إيقاف عملهم، والوقوف في الطوابير أمام محطات الوقود لأيام على أمل الحصول على مخصصاتهم من البنزين.
ويرى “المصري” أن مشكلة سائقي التكاسي لا تتوقف عند ذلك فقط، بل إن زيادة أسعار قطع الغيار ورفع تسعيرة النقل، كانت من الأسباب التي دفعته وغيره لترك المهنة.
ودفعت الأوضاع الاقتصادية الصعبة الكثير من السكان إلى تفضيل التنقل بواسطة “المكاري والسرافيس” البيضاء التي تعمل على المازوت.
ولا يختلف حال توفيق رزق (50 عاماً) عن حال سابقه، حيث اتجه إلى استئجار محل صغير داخل مدينة شهبا بريف السويداء، يبيع فيه مواد بقالة، بعدما اضطر هو أيضاً لبيع سيارته.
وقال “رزق”: “نحن في بلد تحكمه شريعة الغاب ولا يكترث لأمرنا أحد من الجهات الحكومية المسؤولة.”
وأضاف متسائلاً: “ألا تدرك الحكومة أن رفع أسعار البنزين وتحريرها من الدعم سيحرم آلاف الأسر من دخل كان يقيها شرَّ الفاقة.”
وأشار إلى أن رفع الدعم عن البنزين دفع بالعديد من زملائه السابقين في السويداء إلى البحث عن موارد أخرى، بعيداً عن أزمات البنزين ومشاكلها.
وتسببت أزمة النبزين بارتفاع أجرة التكاسي العمومية داخل مدينة السويداء إلى /1500/ ل.س عدا أن بعض السائقين لا يقبلون بأقل من /2000/ ل.س، وفق بعض السكان.
وبخلاف “رزق” و”المصري”، خلّفت أزمة البنزين معاناة مغايرة لرويدة إسماعيل (45 عاماً)، الموظفة الحكومية ومن سكان حي رجم الزيتون شمالي السويداء.
وتقول “إسماعيل” لنورث برس: “بيتي بعيد عن مركز عملي و ليس هناك سرافيس نقل، لذا كنت مجبرة للتنقل بواسطة التكاسي ذهاباً وإياباً وإن كانت تكلفتها مرتفعة بعض الشيء.”
وأضافت: “أما الآن وبعد غلاء أجور النقل، بات عليَّ الاستيقاظ باكراً والسير حتى أستطيع الوصول إلى أحد الخطوط وانتظر هناك لفترات طويلة على أمل الوصول بأحد السرافيس.”
وتقول الموظفة إن راتبها الحكومي باتَ مبلغاً رمزياً الآن، “لذا لم يعد بإمكاني تحمّل أعباء المواصلات القاهرة.”
ويبلغ متوسط الرواتب في المؤسسات الحكومية نحو /50/ ألف ليرة (ما يعادل /21/ دولاراً أميركياً)، وسط تدهور الأوضاع المعيشية جراء انهيار قيمة الليرة وتطبيق قانون عقوبات “قيصر” ضد الحكومة السورية وداعميها.
وترى “إسماعيل” أن “سائقي التكاسي العمومية والموظفون هم الحلقة الأضعف، في معادلة ارتفاع الأسعار في كلِّ شيء والذي تتحمّل نتائجه الحكومة السورية.”
وكانت الحكومة قد رفعت الدعم عن مادة البنزين، منذ منتصف العام الجاري، كما أوقفت تزويد أنواع محددة من السيارات بمخصصات البنزين.
وقال راجي السلمان (55 عاماً)، وهو مسؤول في دائرة النقل والمواصلات بالسويداء، إنه “لم يعد بالإمكان ضبط أجرة النقل ولا تحرير ضبوط تموينية بعدما ارتفع سعر لتر البنزين إلى الضعف.”
وأضاف لنورث برس: “هذا خلق تخبّطاً وفوضى غير مسبوقة في تحديد تسعيرة وأجرة النقل داخل المدينة وخارجها أيضاً.”
وأشار إلى أن اجتماعاً لمحافظ السويداء ناقش مؤخراً، مشكلة ارتفاع أجرة النقل ولكنه انتهى دون إيجاد حل باعتبارها “مشكلة معقدة ويدخل بها أكثر من طرف مسبب.”
ورأى “السلمان” أن الحصار الاقتصادي الذي تمرُّ به سوريا جعل السوريين تحت مطرقة أزمات متتالية لا تتحمّلها الحكومة السورية فقط، بحسب رأيه.