دمشق تكسر “قيصر”.. حيث يصعب الحصول على الخبز تباع أحدث وأغلى نسخ الآيفون

دمشق- نورث برس

بلد صار صعباً فيه الحصول على “ربطة خبز”، هو ذاته الذي سجل اسمه كأول بلد عربي يستورد أحدث نسخة من جهاز “آيفون”.

وقبل يومين فاجأت شركة إيماتيل التي يملكها رجل الأعمال خضر طاهر الأسواق بعرض أحدث نسخة لهاتف آيفون في دمشق في ظل حديث حكومي عن أزمة خانقة تعيشها البلاد، بسبب قانون العقوبات الأميركية “قيصر”.

وفتحت الخطوة الباب أمام تساؤلات عديدة لاسيما أن صاحب الشركة المستوردة كان منذ فترة قريبة قد دخل مع شركته “إيماتيل” ضمن قائمة المعاقبين أميركياً.

خمسة ملايين ليرة

ينظر أحدهم إلى صورة الجهاز والأسعار المنشورة معه، ويمسك الآلة الحاسبة: بضع نقرات عليه ثم يلتفت إليك ليقول: “سعر الجهاز الواحد يعادل رواتب 100 موظف، وهو يتطلب أن أعمل ثماني سنوات متواصلة لأحصل عليه.”

كثيرون “قرّشوا” تلك الملايين ليقارنوا بين أسعار تلك الأجهزة التي تتراوح بين 3.6 ملايين، و5.5 ملايين ليرة، بينما يعادل وسطي الأجور في سوريا نحو 50 ألف ليرة.

لكن أسئلة أخرى أثارها الافتتاح الاحتفالي الذي أقامته الشركة، وقالت إنها تنفرد بأنها أول شركة في الشرق الأوسط توفر الجهاز، ونشرت صوراً لأشخاص تزاحموا  أمام باب الشركة بهدف الحصول على نسخة:

الحفل أثار كثيراً من التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي التي تمحورت حول الفارق الكبير بين سعره ووسطي الدخل في البلاد، إضافة إلى التساؤل عن كيفية وصول الجهاز إلى بلد يخضع لعقوبات أمريكية وأوروبية، إضافة إلى “قانون قيصر” الأمريكي الذي يفرض عقوبات ليس فقط على أفراد وكيانات في سوريا، بل أيضا على أي شركة تتعامل معها.

كذلك طرحت تساؤلات عن مالك الشركة، رجل الأعمال السوري الذي لم يكن معروفاً قبل الأزمة المستمرة فيها منذ نحو عشر سنوات، إنه خضر علي طاهر، الملقب بـ “أبو علي خضر”.

منع التعامل مع “منع التعامل”

في آذار من العام الماضي فوجئ السوريون بتعميم صادر عن وزير الداخلية محمد الرحمون، يطلب فيه “منع التعامل منعاً باتاً مع المدعو خضر طاهر بن علي” أو الاتصال به بأي شكل كان، أو إدخاله الوحدات الشرطية.

لكن وبعد نحو عشرين يوماً، صدر عن الوزير ذاته تعميم مخالف يطلب إتلاف التعميم السابق:

وقد أثار إلغاء التعميم موجة من السخرية، وخاصة من تراجع الوزير عن تعميمه، إلا أن ثمة من أبدى “التأييد” لعلي خضر، إذ قالوا إنه يساهم في “دعم الفقراء” ويساعدهم من خلال التبرعات والهبات التي يقدمها، وإن كان أي منها ليس مؤكداً.

الرجل الذي قيل عنه أضعاف ما تم نشره، كان واحداً ممن يوصفون بأثرياء الحرب أو الأغنياء الجدد، الذين لم يكن لهم أي ذكر سابقاً.

وكما أن تعميم وزير الداخلية أظهره إلى الإعلام بقوة، كذلك عاد اسمه إلى الضوء قبل نحو شهر من الآن، من باب العقوبات الأمريكية.

ونهاية الشهر الماضي، كان اسم “أبو علي خضر” واحداً من ستة أشخاص ذوي مواقع مهمة ضمن قائمة عقوبات جديدة أصدرتها وزارة الخزانة الأميركية، إضافة إلى عدة كيانات أخرى تعود ملكية معظمها لعلي طاهر، وأبرزها الشركة التي استوردت أحدث نسخ الآيفون، وهي شركة “إيماتيل للاتصالات” إضافة إلى شركات أخرى له أهمها: “القلعة” للحراسات الأمنية، و”العلي والحمزة” للبناء، و”السورية” للمعادن، و”إيما” للخدمات المالية.

وأمس أطلق الرجل من وسط دمشق أحدث إصدار تصنعه شركة أميركية، في وقت لما تزل فيه صور الطوابير أمام الأفران ماثلة أمام الجميع، للحصول على ربطة خبز لا يتجاوز مجموع ما فيها سبعة أرغفة. كما قننت الحكومة للسوريين استهلاك الخبز الذي لم يعد ممكناً الحصول عليه إلا عبر “البطاقة الذكية”، وتم تقسيم الأسر إلى شرائح حسب عدد الأفراد، بحيث لا تتجاوز حصة الفرد ثلاثة أرغفة.

مفارقة سجلها سوريون على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وهم يشاهدون كيف أن الإنتاج الأميركي يأتي إلى “نخبة” من بينهم، متجاوزاً الحدود والقيود والعقوبات، بينما يكرر المسؤولون حديثاً عن “العقوبات الغربية” كلما ازداد التذمر من الطوابير الطويلة للحصول على كل شيء: المشتقات النفطية، والخبز، والمواد الاستهلاكية الغذائية الأساسية.

وإن كانت “البطاقة الذكية” استطاعت إخفاء “طوابير المحتاجين” خلف جدران البيوت حيث يعيش السوريون أسوأ وضع اقتصادي عرفته البلاد طيلة العقود الماضية.

إعداد وتحرير: أسامة يونس