ألبسة أطفال في حلب تكشف تداعيات رفع سعر المازوت وقيمة المنحة الحكومية

حلب – نورث برس

قرر منصور حسين، من سكان مدينة حلب شمالي سوريا، العودة إلى منزله بعد جولة له في الأسواق دون شراء سترات شتوية لطفليه بسبب غلاء أسعار الملابس.

ويشتكي آباء وأمهات في حلب من ارتفاع جديد لأسعار الألبسة هذا العام، ما يمنع ذوي الدخل المحدود والمتوسط من تلبية احتياجات أطفالهم ولا سيما تلاميذ المدارس.

واكتفى الموظف الثلاثيني “حسين” بشراء سترة لابنته ذات الثمانية أعوام بمبلغ /20/ ألف ليرة رغم حصوله على حسومات، بينما لم يتمكن من شراء شيء لابنيه.

وقال لنورث برس: “الأسعار في وادٍ وأجورنا في وادٍ آخر، لا أدري كيف ومتى ومن أين سأجلب مبالغ إضافية لكي أكسي أطفالي وأقيهم برد الشتاء.”

وكان “حسين” قد أخذ معه /50/ ألف ليرة سورية حصل عليها كمنحة لمرة واحدة من الحكومة السورية لموظفيها، لكنها لا تلبي حاجة أطفاله الثلاثة من اللباس الشتوي.

وما يزال متوسط رواتب موظفي الحكومة السورية حوالي /50/ ألف ليرة سورية (ما يعادل نحو 20 دولاراً أميركياً).

ولا يختلف حال فجر المرعي (51 عاماً)، وهو صاحب محل للمواد الغذائية في حي صلاح الدين، عن غيره.

 فرغم معرفته بحال الأسواق وغياب الرقابة الحكومية عنها، لكن اقتراب فصل الشتاء وحاجة أطفاله الخمسة لم تُبقِ له مهرباً.

وقال لنورث برس إنه لم يجد قطعة ثياب تناسب أطفاله، أيّاً كان حجمها ونوعها وطريقة تصنيعها أقلّ من عشرة آلاف ليرة سورية.

وأضاف: “لماذا لا يوضع حدٌّ لهذه الأسعار؟ من أين نجلب المال نحن البسطاء وأصحاب المداخيل المحدودة؟”

مع ذلك، يرى “المرعي” دخله “مقبولاً” بالنسبة لكثيرين، ويتساءل: “ماذا عمن لا يمتلكون أيّ دخل، كيف سيعيش هؤلاء؟”

ورغم وجود مئات ورش تصنيع الألبسة في حلب وعودتها للإنتاج وإن بشكل تدريجي، لكن عملها لم يساهم في خفض الأسعار، وفق ما يرى سكان في المدينة.

ويقول تجار إن الألبسة، كغيرها من السلع والبضائع، تخضع لارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي وانهيار قيمة الليرة السورية، ليزيد رفع سعر مادة الديزل الصناعي من حجم المشكلة.

وقال عبد الله العقاد (42 عاماً)، والذي يمتلك ورشة لتصنيع ثياب الأطفال في حي القاطرجي الصناعي في حلب، إن قيمة الأسعار لم ترتفع، “لكن الليرة هي من فقدت قيمتها.”

 وأضاف لنورث برس: “نحن ما زلنا نبيع أرخص من دول الجوار وبسعر أقل مما قبل الأزمة، الأمر مرتبط بقيمة الليرة وهذا ليس ذنب المصنع والتاجر ولا حتى صاحب المحل.”

ويرى “العقاد” أنه كان على الحكومة اتخاذ خطوات اقتصادية لتحسين الدخل وتنشيط حركة تصدير الإنتاج الفائض عن حاجة الأسواق المحلية إلى دول الجوار، “إضافةً لإجراءات لتخفيف تسلّط الجمارك والحواجز الأمنية على طرق الشحن.”

لكنها “رفعت سعر المازوت للصناعيين لتبيع الليتر بـ/650/ ليرة سورية، ما أدى لارتفاع جنوني لأسعار الخيوط والأقمشة.”

 ناهيك عن عدم توفّر أيدي عاملة خبيرة في ظل هجرة الخبرات الحلبية التي ما تزال تهاجر إلى مصر وتركيا بحثاً عن ظروف اقتصادية ومعيشية أفضل، بحسب ما ذكره “العقاد”.

إعداد: جان حداد – تحرير: حكيم أحمد