“دواعش الداخل”.. مصطلح متداول في مناطق سيطرة القوات الحكومية
دمشق – نورث برس
تتباين آراء مختصين سوريين حيال استخدام تسمية “دواعش الداخل” في مناطق سيطرة الحكومة السورية للإشارة إلى متنفذين وتجار أزمات مقربين من الحكومة يسيطرون على موارد البلاد.
فيرى البعض أن المصطلح مناسب للإشارة إلى المسؤولين الحقيقيين عن تدهور الاقتصاد والأزمات المعيشية المتلاحقة في المحافظات السورية، بينما يرى آخرون أن التسمية تنسب المسؤولية لجهات خفية بهدف صرف النظر عن فساد الجهات الحكومية الإدارية المباشرة.
وأفضت الحرب السورية بسنواتها العشر الماضية إلى معدلات فساد أعلى مما كان سائداً قبل العام 2011، سواءً بالنسبة لحجمه وانتشاره أو بالنسبة لأشكاله وأساليبه.
“تحالف الفساد مع الحكومة”
وقال تامر قرقوط، وهو صحفي سوري يقيم في ألمانيا، إن مصطلح “دواعش الداخل” هو “المعادل الموضوعي لتحالف قوى الفساد مع الجهاز الحكومي.”
وأضاف لنورث برس، أن هذا التحالف هو “التحالف الأقوى اقتصادياً وبغطاء سياسي حزبي، ويستطيع تنفيذ رغبات الأعضاء الذين يحصلون على تسهيلات حكومية استثنائية.”
ويرى “قرقوط” أن “المصالح المشتركة بين الجهاز التنفيذي، لا سيما في الصف الإداري الأول، وتحالف الفساد الذي بُني منذ عقود وظلَّ يعمل بالخفاء، أدت إلى تكشير الفساد عن أنيابه في العقد الأخير، ليتم الاستحواذ على مقدرات الاقتصاد السوري.”
ويشدد على أن هؤلاء يعملون تحت أنظار الجهات الحكومية التي تتحمّل جزءاً من مسؤولية تدمير وتخريب الاقتصاد وترسيخ الفساد في المجتمع.
ويشير الصحافي السوري إلى أن “التحالفات الاقتصادية والسياسية، وكارتالات مالية ضخمة، استطاعت أن تلتهم كعكة الاقتصاد السوري، دون أن تترك للغالبية الساحقة من السوريين سوى الفتات.”
“صانعو قرار”
وبات مصطلح “دواعش الداخل” متداولاً على نطاق واسع في الحياة اليومية للسوريين في مناطق سيطرة الحكومة السورية.
و اعتذرت وزيرة سورية سابقة تقيم في دمشق عن الحديث حول المصطلح، مكتفيةً بالقول: “دواعش الداخل هم المتنفذون ومن يصنعون القرار حالياً.”
وكانت سوريا قد احتلت المركز قبل الأخير، في قائمة التقرير السنوي لمؤشر مدركات الفساد الصادر من قِبل منظمة الشفافية الدولية، والذي يرصد حالتي الشفافية والفساد في /180/ دولة حول العالم.
وسبق للحكومات السورية المتعاقبة أن أعلنت عن عناوين ومشاريع لمكافحة الفساد، لكنها غالباً ما كانت تنتهي دون الإعلان عن نتائجها للشارع السوري.
“تملّص من المسؤولية”
وقال الدكتور مسلم عبد طالاس، وهو أستاذ الاقتصاد في كلية السياحة-جامعة ماردين، إن استخدام مصطلح “دواعش الداخل” تكريس لحالة التهرّب من التشخيص الصحيح للمشكلة.
والهدف هو تحميل مسؤولية ما يحدث لجهة أو أشخاص ليسوا جوهر المشكلة، “بل هم أعراض هامة للمرض الأساسي.”
ويرى “طالاس” أن “النظام السوري اخترع داعشاً من نوع جديد يساعده على التملّص من المسؤولية التاريخية التي تتحمّلها كل المنظومات الإنسانية الحية في أن تكون هناك حدود دنيا من التطور والتغيير.”
و تأتي فكرة شيطنة بعض الفاسدين، وليس آلية إنتاج الفساد، من أجل استخدامهم لتفريغ شحنة الطاقات المتراكمة الداعية بإلحاح للتغيير، على حدِّ قول الأستاذ الجامعي.
كما أن “سيطرة الفساد على المنظومة السياسية تجعله يتحول إلى آلية تعيد إنتاج النظام على قياسه، وذلك سبب رئيس لتكلّس المنظومة الاجتماعية السياسية ومقاومتها للتغير والتطور الطبيعي.”