حلب – نورث برس
يقول إعلاميون في مدينة حلب، شمالي سوريا، إن الأفرع الأمنية والجهات المشرفة على عملهم تمنع أي انتقادات لعمل المؤسسات الحكومية، بما فيها الخدمية.
ويقدم هؤلاء شهادات عن تعرضهم لتحقيقات واتهامات بسبب تناولهم لأزمات معيشية أو ملفات فساد أو استطلاع آراء السكان.
وقالت شيرين مالك، وهو اسم مستعار لمراسلة لإحدى الوكالات الخاصة، إنها تعمل في مجال الإعلام اكثر من 11 عاماً وإنها تُستدعى كل فترة من قبل فرع الأمن العسكري، من أجل التحقيق معها بخصوص أحد تقاريرها التي ترصد سوء الخدمات في المدينة.
وأضافت أنها عزفت عن إعداد تقارير تنتقد عمل مديريات الحكومة بحلب، “أكتفي بتغطية الفعاليات التي تقوم بها المؤسسات الحكومية.”
وتعمل “مالك” على إظهار الجانب السطحي فقط في عمل الدوائر الرسمية لتفادي الذهاب للأفرع الأمنية، فأنا لا أستطيع تغير شيء.”
وتقوم الأفرع الأمنية للحكومة السورية باتهام الصحفيين بتهم جاهزة من قبيل “النيل من هيبة الدولة ومؤسساتها والتعامل مع جهات غير مرخصة”، بحسب المراسلة.
وأشارت الصحفية أيضاً إلى أنها لم تلمس شيئاً مما تعلمته في كلية الإعلام على الأرض، بخصوص أن الإعلام هو السلطة الوحيدة لإيصال صوت المواطن وحل مشاكله.
“تعرض المواطن في الفترة الأخيرة لنكبات موجعة ولم يظهر ذلك في أي وسيلة إعلامية، بسبب تحجج الأمن بأن مثل هذه التقارير تعكير لصالح الأجندة الغربية.”
وتتباين ردود أفعال الإعلاميين حيال تدخل الجهات الأمنية في عملهم أو منع نشر موادهم، إلا أن غالبيتهم يلجؤون إلى مجاراة التعليمات للمحافظة على عملهم، مكتفين بنمط الإعلام الحكومي في تقديم الحدث بالرواية الرسمية.
وقال سعد الأحمد (39 عاماً)، وهو اسم مستعار لإعلامي يعمل بمركز الإذاعة والتلفزيون بحلب ،إن العمل الإعلامي في مدينة حلب مختلف تماماً عن باقي المحافظات السورية من ناحية تدخل جميع الجهات الأمنية بعمل المراسلين.
وأضاف أنه يحتاج لموافقات من اللجنة الأمنية لتصوير الازدحام على إحدى محطات الوقود، “ما يدفعنا في بعض الأحيان للتصوير بطريقة سرية.”
ولفت “الأحمد” إلى أن بعض المراسلين “يعملون بجرأة كبيرة ومطلقة لأن لديهم من يدعمهم في الأفرع الأمنية.”
كم قد تلجأ الأفرع الأمنية “لإرسال عناصرهم كمراسلين لمراقبة ما يجري بين العاملين في الإعلام، يستشهد “الأحمد” على ذلك بأنه استدعي للتحقيق حول تقرير له قبل إتمامه.
وقال إن أسئلة وُجّهت له من قبيل: “من الذي يدعمك؟ ومن سمح لك بإعداد تقرير أمام محطات الوقود؟”
وقال الصحفي ضياء بديوي، وهو رئيس تحرير صحيفة “عكس الاتجاه” الإلكترونية بحلب، إن وزارة الإعلام فرضت على جميع المواقع الإلكترونية المرخصة بعدم تجاوز مدة الفيديو المنشور فيها أكثر من دقيقة واحدة مهما كان الموضوع هاماً.
وأضاف لنورث برس أن الوزارة تشدد على عدم اعتماد أي مراسل لم ينتسب لاتحاد الصحفيين.
ويرى “بديوي” أن عمل الصحفي بسوريا “لم يعد يخدم المواطن وإظهار الفساد.”
وكان الرئيس السوري بشار الأسد قد قال، خلال ترؤسه اجتماعاً للوزارة الجديدة مطلع أيلول/ سبتمبر الفائت، إن “مكافحة الفساد يجب أن تكون شاملة وعبر الإعلام.”
لكن الصحفي “بديوي” يرى أن الجهات الرقابية ستراه “هو الفاسد” إن قام بنشر أي شيء عن ملفات الفساد.
وقال أيضاً إنه قد يضطر لإيقاف موقعه وإيجاد عمل آخر، “إن استمرت الوزارة بتعقيد العمل الصحفي عبر طلب موافقات من الأمن.”