حرائق الساحل السوري.. التعويضات الحكومية “تنموية” رغم أن المزارعين هم الأكثر تضرراً

اللاذقية- نورث برس

قال مزارعون في ريف اللاذقية، غرب سوريا، إنهم أكثر المتضررين من الحرائق التي اندلعت مؤخراً في الجبال الساحلية في طرطوس واللاذقية وحمص.

 كما رأى باحث اقتصادي أن نتائج الخسائر على الاقتصاد الوطني يمكن تعويضها، بينما يبقى المزارع المتضرر الأكبر.

ويأتي هذا في وقت أعلن فيه مسؤولون أن المساعدات المقدمة للقرى المتضررة ستصرف على شكل مشاريع خدمية وتنموية وفتح طرق لوصول سيارات الإطفاء إليها.

“خسرنا دخلنا”

وقال ليث الرفاعي، وهو مزارع من قرية رج معيربان بريف اللاذقية، لنورث برس، إنه خسر /30/ دونماً “كانت مشجّرة بأكثر من ألف شجرة زيتون. “

وعبر المزارع المتضرر من الحرائق الأخيرة عن حزنه لما آل إليه موسمه: “كان موسماً جيداً ولكن لا نصيب لنا.”

وأشار”الرفاعي” إلى أن غالبية الخسائر في قريته كانت أشجار الزيتون.

وقال سامر أبو قاسم، وهو مزارع في قرية الملوعة بريف طرطوس، إنه خسر /60/ شجرة زيتون، “كانت مصدر رزقي الوحيد.”

وبلغت مساحة الأراضي الزراعية التي تضررت من الحرائق في قرية الملوعة بريف طرطوس حوالي /100/ دونم والمساحة الحراجية حوالي /120/ دونم، وفقاً لمزارعين من القرية.

 وكان وزير الزراعة محمد حسان قطنا قد قال، أمس الثلاثاء لصحيفة “الوطن” شبه الرسمية، إن “المساحة المحروقة بلغت /8900/ هكتار من الأشجار المثمرة و/5500/ هكتار من الأشجار الحراجية، وهناك /2.1/ مليون شجرة مثمرة تضررت.”

كما نقلت الصحيفة نفسها قبل أيام عن عضو لجنة تجار ومصدري سوق الهال، أسامة قزيز، قوله إن الحرائق الأخيرة “ستؤثر على أسعار الزيتون وزيت الزيتون والحمضيات هذا الموسم.”

“تضرر لسنوات”

من جانبه، قالالدكتور شادي أحمد، وهو خبير اقتصادي، لنورث برس، إن خسائر الحرائق أصابت المزارعين بشكل مباشر، “والأشجار كانت مصدر الرزق الوحيد لعائلات كثيرة كانت تعيش ظروفاً معيشية صعبة”، بحسب الخبير الاقتصادي.”

وأضاف: “هذا الفقدان سيفاقم الصعوبات المعيشية، لأن هذه المحاصيل كانت تساعد في سد الفجوة الكبيرة ما بين الاحتياجات والإمكانات المادية لدى هذه العائلات.”

وشهدت عدة مناطق في أرياف محافظات اللاذقية وطرطوس وحمص، في التاسع من الشهر الجاري، حرائق التهمت مساحات واسعة من الأحراج والأراضي الزراعية.

وأسفرت الحرائق المشتعلة في ريف طرطوس، إضافة للخسائر في المزروعات، عن وقوع عشر حالات الاختناق، بينما شهدت القرداحة بريف اللاذقية عمليات إجلاء لنزلاء مشفى المدينة.

وبحسب الخبير الاقتصادي فإن هذه الصعوبات ستستمر لسنوات قادمة لأن شجرة الزيتون تحتاج إلى أربع أو خمس سنوات حتى تبدأ بالعطاء وتحتاج إلى أكثر من ذلك حتى تكون “مجدية اقتصادياً”.

“فنحن أمام مشكلة ليست آنية، وإنما ستعاني العائلات المتضررة من آثارها الواضحة في السنوات القادمة.”

وتشير إحصائيات غير رسمية إلى خسارة حوالي ثلاثة ملايين شجرة حراجية ومليون ونصف شجرة زيتون وثلاثة ملايين شجرة حمضيات تقريباً، إضافة إلى كثير من المزروعات الأخرى.

وتتضمن إعادة تأهيل الأراضي المحروقة تكاليف استثمارية أعلى من الأراضي “البور” غير المصابة بالحريق، “وهذا سيؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج وسينعكس ارتفاعاً في سعر المنتج الذي كان بالأصل مرتفعاً قياساً بالدخل الفردي المحلي.”، على حد قول الخبير الاقتصادي.

 “وهذا سيفاقم مشاكل في عمليات التسويق التي لن تكون يسيرة كما كانت في السابق ولن تستطيع الأسر المتضررة التي ستتكبد تكاليف إعادة التأهيل أن تنافس منتجات المناطق التي لم تُصب بالحريق.”

لكن الخبير الاقتصادي قال إن نتائج الحرائق لن يكون لها “تأثير كارثي” على مجمل الاقتصاد الوطني، معللاً السبب إلى قلة عدد الأشجار المحترقة بالمقارنة مع عدد الأشجار في كامل سوريا، “الأضرار على الاقتصاد الوطني بالمفهوم الرقمي المباشر هي أضرار قليلة جداً.”

وأضاف، “على سبيل المثال المليون ونصف شجرة زيتون المحترقة تشكل نسبة أقل من واحد بالمائة  تقريباً من مجمل أشجار الزيتون في سوريا والتي تبلغ مئة وعشرة ملايين شجرة.” 

كما أن احتراق مساحة ستة آلاف دونم ورغم أنها مساحة كبيرة جداً بالنسبة للمزارعين المتضررين، “إلا أنها ليست كبيرة قياساً بالأراضي الزراعية الخصبة الرافدة للاقتصاد الوطني بشكل عام.”

“التعويضات تنموية”

ووفقاً لوكالة سانا الحكومية فإن الرئيس السوري بشار الأسد وجه بتخصيص مبلغ مليارين و/370/ مليون ليرة سورية لإنجاز مشاريع خدمية تعوض المتضررين من الحرائق بمحافظتي اللاذقية وطرطوس.

وقال محمد مصطفى، وهو عضو مجلس محافظة طرطوس، لنورث برس، إن من المقرر البدء بتقديم المساعدات

 خلال أسابيع وذلك بعد الانتهاء من تحديد حجم الأضرار.

لكنه أضاف أن المساعدات ستكون من خلال “مشاريع تنموية” في القرى المتضررة، “وسنقوم بفتح طرقات نارية في الأراضي الزراعية لسهولة وصول سيارات الإطفاء في نشوب حرائق جديدة.”

ورأى الخبير الاقتصادي شادي أحمد أن الأثر البيئي من الحرائق أصعب “لأننا في سوريا لا نملك استراتيجية واضحة للتعامل مع الكوارث البيئية ورغم الجهود الكبيرة التي بذلت إلا أن غياب استراتيجية إدارة الكوارث كان واضحا.” ،

ولفت إلى أنه على الحكومة السورية استحداث هيئة أو وزارة مهمتها إدارة الكوارث أسوة بالعديد من الدول، “نحن بحاجة لهكذا وزارة أو هيئة على الأقل حتى نستطيع التعامل مع الآثار البيئية الناجمة عن هذه الحرائق.”

إعداد: جاد مصطفى – تحرير: سوزدار محمد