جورج خزوم.. ستة عقود من العطاء الرياضي في القامشلي

القامشلي – ريم شمعون/ شربل حنو – نورث برس

 

يبدأ جورج خزوم ساعات نهاره الأولى من كل يوم، بنشاط وحيوية كما عادته منذ ستة عقود، فحينما بدأ بممارسة الرياضة كان في العاشرة من عمره. لقد اعتاد أن يستيقظ باكراً ليتجه إلى نادي الرافدين، حيث كان ملعبه ملاصقاً لمنزله في مدينة القامشلي شمال شرقي سوريا.

 

يعتبر خزوم من المعاصرين لجيل الرواد ممن أسسوا لرياضة كرة القدم في القامشلي، وبالإضافة إلى ذلك يعتبره البعض أحد أبرز رموز ناديي الرافدين والجهاد في منطقة الجزيرة شمال شرقي سوريا.

 

وينتمي خزوم إلى عائلة رياضية سجلت اسمها في تاريخ الرياضة بالقامشلي وعموم منطقة الجزيرة السورية، فوالده ديكران خزوم من مؤسسي نادي الرافدين (بيت نهرين) السرياني الذي افتتح عام 1934، إلى جانب شخصيات رياضية أخرى من أبناء المدينة من أمثال عبد النور شماس وشكري جرموكلي، ويعقوب أصفر نجار، ورزوق بقال، وأفرام نعوم، وداوود أسعد وأندراوس شابو.

 

كان هذا النادي بمثابة بيتٍ كبير لجورج خزوم اليافع حينها، إذ لا يزال يتذكر بفخر كيف أن والده كان يصطحبه لحضور مباريات النادي، ليرث عن أبيه حبّ الرياضة ويترعرع بين جدران نادي الرافدين، فبدأ باللعب ضمن صفوفه بفئة الأشبال لكرة القدم مكملاً مسيرة والده.

 

ويتذكر "خزوم" أن أول مباراة لفريق نادي الرافدين بكرة القدم تعود إلى عام 1934وكانت مع نادي"هومنتمن القامشلي"، حيث لم يكن نشاط النادي حينها مقتصراً على ممارسة ألعابٍ رياضية مثل كرة القدم، وكرة السلة، وكرة الطائرة، والملاكمة، وكرة الطاولة فقط، بل كان له جانب ثقافي واجتماعي، كإقامة الحفلات الفنية العائلية، إضافة إلى "المعارض الثقافية والمسرحيات الهادفة".

 

 

وحمل العام 1962 معه قراراً سياسياً من السلطات السورية تم بموجبه طي واحدة من صفحات تاريخ الرياضة في القامشلي إذ تم إغلاق نادي الرافدين كما باقي أندية المدينة، كنادي "الهومنتمن" و النادي "العربي"، ما دفع بجميع الرياضيين في المدينة ومن بينهم جورج خزوم للانضمام إلى نادي الشبيبة الذي بقي الوجهة الوحيدة للرياضة بعد دمج جميع الأندية فيه، وذلك إلى حين صدور المرسوم التشريعي الناظم للحركة الرياضية في سورية رقم /38/  في العام 1971 لتتم تسميته بـ "نادي الجهاد".

 

شغف "جورج" وتعلّقه بالرياضة دفعه إلى التخصص في هذا المجال بشكلٍ أكاديمي، حيث توجه بعد المرحلة الثانوية إلى دمشق ليدخل كلية التربية الرياضية، وحصل على شهادة دبلوم عام 1971، ليعود بعدها إلى مدينته القامشلي ليكرس "خبرته في خدمة سكان المدينة".

 

وفور عودته من دمشق عاد جورج للّعب ضمن صفوف نادي الجهاد، لتبقى له بصمة مع باقي رفاقه بصعود نادي الجهاد لمصاف الدوري السوري الممتاز عام 1979.

 

" هذا الإنجاز هو الأغلى على قلبي وقلوب رفاقي الرياضيين في نادي الجهاد، صعودنا للدرجة الأولى كان تحقيقاً لحلمنا الذي لطالما انتظرناه".

 

تسلّم "خزوم" بعد ذلك، تدريب فئة القواعد بنادي الجهاد، وأصبح مسؤول النشاط الرياضي في النادي لمدة ثلاث سنوات، قبل أن يصبح رئيساً لمجلس إدارة النادي لثلاث دورات متتالية حتى عام 1994.

 

وتمكن نادي الجهاد من بناء قاعدة جماهيرية كبيرة بعد منافسته على لقب الدوري السوري الممتاز لسنين عديدة بمختلف الفئات العمرية، ومنافسته لأكبر الأندية السورية، وكان للنادي الفضل الكبير برفد المنتخب السوري بلاعبين من مدينة القامشلي في فترة يعتبرها "جورج" بالفترة الذهبية لنادي الجهاد.

 

وفي عام 2007 كان جورج خزوم على رأس وفد رياضي ضم أكثر من 20 من الشخصيات الرياضية، للمشاركة بمهرجان أقامته الجالية السريانية السورية في دولة السويد بمناسبة مرور 50 عاماً على تأسيس الرافدين، وقدم فيه جورج فيلماً مصوراً بعنوان"الرافدين شمس الرياضة السورية".

 

"تذكرنا في هذا المهرجان الأيام الخوالي، الأيام التي عشناها و حققنا فيها الكثير من الإنجازات."

 

لكن لم يتوقف "عشقه" للرياضة بعدما بلغ السبعين من عمره، حيث قام بتبني الفكرة التي بدأها والده الذي كان يملك محلاً للتجهيزات الرياضية عام 1936 بجانب مقهى النجمة في القامشلي، فأعاد افتتاح محل رياضي يلبي احتياجات الرياضيين من تجهيزات ومستلزمات، ويقول "الرياضة لا تتوقف على الأجيال، هي فوق السدود وفوق الحدود".