بالرغم من تأثيراتها السلبية.. أعمال ريفية شاقة لنساء بريف جل آغا شرق قامشلي
جل آغا- نورث برس
تعتمد زويدة المحمود (37عاماً)، وهي من سكان قرية تل علو ببلدة جل آغا (الجوادية) بريف قامشلي، شمال شرقي سوريا، على عملها بيديها هذه الأيام، من أجل بناء غرفة صغيرة لعائلتها من أحجار البلوك والطين.
تجهيز الوحل وحمل أحجار البلوك ووضعها فوق بعضها البعض في ترتيب مستقيم، وجمع التبن وتعبئته في أكياس، بالإضافة إلى البناء، أعمال اعتادت عليها “المحمود” منذ قرابة عشرة أعوام.
وتعمل نسوة في أرياف الجزيرة السورية في أعمال شاقة تتطلّب جهداً بدنياً يفوق قدرتهنّ ولا تناسب أعمارهن وصحتهن.
“أعمل ببيتي”
وقالت “المحمود” إن غياب الزوج المتكرر بسبب سفره للعمل خارج البلاد، جعلها أكثر اعتماداً على نفسها، فالجميع مشغول بنفسه ولا بد لها من إنجاز أعمالها ولو كان بيديها.
لكن المرأة تتوقف عن العمل أحياناً لمدة يوم أو نصف اليوم، “بسبب التعب والحساسية من غبار التبن وغربلة التراب.”
وتستدرك: “لكن سرعان ما أتابع عملي، فمن سيقوم به بدلاً عني؟”
وفيما إذا كان الناس ينتقدون عملها بالبناء، قالت: “لا أحد ينتقدني فأنا أعمل ببيتي وأساعد أهلي وجيراني وجميع النساء هنا يعملن في مثل هذه الأعمال.”
وتعاني كثير من النساء في سوريا من غياب معيل أسرهن بسبب عقد من الحرب والهجرة وتدهور الظروف المعيشية.
إصابات وحوادث
وتقول بعض النساء في ريف جل آغا، ممن يقمن بممارسة أعمال شاقة، إنهن عانين من إصابات في العمود الفقري والولادة المبكرة أو فقدان الجنين، إلى جانب فقدان البعض حياتهن أثناء تعرضهن لضربات شمس قوية وإجهاد أثناء العمل.
وقالت هدلة الخلف (32 عاماً)، وهي من قرية بيلونة بريف بلدة جل آغا الغربي، إلى أنها تعاني من انقراص فقرات، “وذلك بسبب عملي اليومي الشاق.”
ولفتت المرأة الثلاثينية إلى أن العديد من النساء أنجبن أولادهن في الحقول حيث كن يجمعن القش أو حينما كن يعملن في الحصاد، “بعضهن فقدن حياتهن، ليس فقط بسبب الولادة في مكان غير مؤهل، وإنّما نتيجة الإغماء وارتفاع ضغط الدم وهبوطه وتعرضهن لضربات شمس وهن يجهدن أنفسهن بأعمال الزراعة.”
وتقوم “الخلف” بصنع الخبز وتجهيز الطعام في الليل، “لأقوم برعاية أغنامي في الصباح ويبقى لدّي وقت أساعد فيه زوجي بنقل البلوك.”
لكنها تقول إنها باتت معتادة على عملها الشاق، “منذ طفولتنا وأيادينا ملطخة بالطين ومتشققة ومجروحة من جمع الحطب والقش، قسوة الحياة تجبرنا على مساعدة أهلنا وأزواجنا.”
ورغم مرور عقود على زمن الحياة الريفية الشاقة حين كانت هؤلاء النسوة أطفالاً، إلا أن التدهور المعيشي في السنوات الأخيرة زاد الأعباء على كثير من العائلات وأعاد الشقاء إلى حياتها.
“أنا مجبرة”
ولا يختلف حال الأربعينية “أم أحمد” (كما عرفت عن نفسها)، وهي من قرية عمارة بريف ناحية جل آغا الغربي، كثيراً عن غيرها.
فرغم سنها ومعاناتها من آلام الظهر والصداع في الرأس نتيجة تعرضها للشمس لفترات طويلة، “تقتضي متطلبات الحياة قيامي بالأعمال التي تشغلني أيضاً عن تربية أولادي، فلا أملك وقتاً للجلوس معهم.”
وأضافت المرأة: “نقطع اللبن ونعمل بالطين والتبن ونقل البلوك وجمع الحطب والقش والأعمال الزراعية الموسمية وترميم المنازل وتربية الحيوانات.”
ورغم أن تلك الأعمال تنعكس على صحتها الجسدية، تعلل “أم أحمد”: “نحن مجبرات على القيام بهذه الأعمال نظراً للوضع المعيشي الصعب، ونقوم بهذه الأعمال بوجود الزوج أوغيابه.”