صانع للأحذية الفراتية بدير الزور.. لم تمنعه الحرب من مزاولة حرفته التقليدية

دير الزور – صفاء عامر – نورث برس

 

يتخذ ماهر الحسون (51 عاماً)، منذ ثلاثة أعوام، من إحدى زوايا منزله بشارع نادي الضباط بحي القصور محلاً لمزاولة مهنته بصناعة الأحذية الرجالية الفراتية المعروفة محلياً بـ "الكلاش" والتي ورثها عن والده سابقاً.

 

فمحله السابق في حي الجبيلة بوسط مدينة دير الزور كان قد دمر أثناء سيطرة فصائل المعارضة المسلحة على المنطقة في العام 2013.

 

وكان "الحسون" قد تعلم صناعة أصناف "الكلاش الديري" منذ عقده الأول، حين أورثت عائلته المهنة لكل الأبناء والأحفاد، لكنه بقي اليوم شيخ المهنة الوحيد من عائلته في المدينة بعد هجرة أغلب ممتهني هذه الحرفة.

 

مهنة مهددة بالاندثار

 

ويُشكل "الكلاش الديري" أحد رموز التراث الفراتي القديم، وحرفة تقليدية يدوية لا تستعمل أي آلة ميكانيكية عند صناعته.

 

وقال "الحسون"، لـ"نورث برس"، إن مهنته اليوم مهددة بالاندثار، معللاً ذلك باتجاه الزبائن نحو الموضة وشراء كل ما هو حديث من أنواع وأشكال الأحذية الجاهزة في الأسواق.

 

وتحول "الكلاش" من حذاء شعبي يستخدمه أبناء الدير الأغنياء منهم والفقراء، إلى هدية قيمة تقدّم للأقارب وترسل للأصدقاء في مختلف المناطق والدول.

 

وكانت تبلغ تكلفة شراء الحذاء الديري قبل الحرب حوالي /150/ أو /200/ ليرة سورية، أما اليوم فيبلغ ثمن أحدها حوالي /3,500/ ليرة سورية، ويعود ذلك لارتفاع تكاليف المواد المستخدمة في هذه الصناعة، حسب ما أوضحه الحسون.

 

صعوبات

 

وخلال فترات سابقة، اقتصر عمل الحرفي الخمسيني على الطلبات الخاصة التي يتلقاها من زبائنه الذين خبروا مهارته، فهو قادر على إنجاز ما يقارب ثلاثين حذاء خلال اليوم الواحد.

 

وأضاف: "عندما عدت لعمل صناعة الكلاش الديري بعد فترة انقطاع دامت حوالي ثلاث سنين، شعرت أني اتعلمها لأول مرة، فاسترجعت كل ما علمني إياه والدي بتفاصيله الكاملة منذ أن  كنت طفلاً صغيراً".

 

وانقطع "الحسون" عن عمله كلياً منذ العام 2015 بعد حصار "تنظيم الدولة الإسلامية" (داعش) لمدينة دير الزور حتى عودته لعمله بعد فك الحصار من قبل القوات الحكومية في العام 2017.

 

أنواع ومهارة

 

وكانت صناعة "الكلاش الديري" مهنة يدوية معروفة في مدينة دير الزور، وتعتمد على جلود البقر أو الغنم ولا تحتاج سوى لآلة الخياطة حتى يُطرز الجلد بأيادي صناعها الماهرين الذين تناقص عددهم عاماً بعد آخر.

 

ويعتمد الحسون على مقصات يدوية كبيرة ومشارط خاصة لقص الجلد والدباغات الصناعية وخيوط سميكة بيضاء وسوداء.

 

 ويدعى النوع الأول من الكلاش "حِجازي" وهو الأكثر انتعالاً حيث يكون مكشوفاً للهواء من كل النواحي، ومقسوماً إلى مجالين أساسيين الأول للإصبع الكبير (إبهام القدم) على شكل قوس صغير، بينما يكون المجال الثاني على شكل سقفية جلدية مائلة أو مستقيمة تجمع باقي أصابع القدم.

 

ويسمى النوع الثاني "الهجاني" وهو الأقل استعمالاً، و يكون على شكل صندل مفتوح من الأمام من جهة الأصابع، فيلم كل أصابع القدم مع بعضها.

 

يقول: "كأي مهنة أخرى تحتاج مهنة صناعة الكلاش الديري إلى صبر ودقة وتركيز بالإضافة لجهد الكبير".

 

ويعتمد "الحسون" على مهنته كمصدر رزق وحيد لإعالة أبنائه الثلاثة الذين يدرسون في المرحلة الابتدائية ويحلم بمستقبل مشرق لهم بعيد عما عانوه خلال سنوات الحرب.