إتاوات جديدة على جني الزيتون في عفرين ومهجرون يحرمون من محاصيلهم للعام الثالث

ريف حلب الشمالي – نورث برس

مع بدء موسم جني الزيتون في منطقة عفرين، شمال غرب سوريا، يعاني أصحاب أشجار الزيتون من إتاوات جديدة تفرضها فصائل المعارضة المسلحة التابعة لتركيا هذا العام، بينما يبقى مهجرون من المنطقة محرومين من إنتاج أشجارهم للعام الثالث على التوالي.

“إتاوات جديدة”

وقال أبو سعيد (33 عاماً)، وهو اسم مستعار لأحد سكان ناحية شيه (شيخ الحديد) بمنطقة عفرين والذي طلب عدم نشر اسمه خوفاً من الاعتقال، إن فصيل العمشات المسيطر على البلدة فرض هذا العام ثمانية دولارات كإتاوة على كل شجرة سواء كانت حاملة للثمار أم لا.

وأضاف لنورث برس: “كما أن الفصيل فرض اقتطاع نسبة 15 % من مجمل محصول الزيتون.”

وكانت القوات التركية وفصائل المعارضة المسلحة التابعة لها قد سيطرت على منطقة عفرين في الـ/18/ من آذار/مارس عام 2018 وذلك بعد نحو شهرين من عمليتها العسكرية.

وتسببت العملية التركية بتهجير أكثر من /300/ ألف شخص من منطقة عفرين، وفق تقرير نشرته منظمة حقوق الإنسان في عفرين في كانون الثاني/ يناير الفائت.

وذكر “أبو سعيد” أنه امتنع عن جني محصوله من الزيتون اعتراضاً على الإتاوات التي فرضتها الفصائل، “لن أستفيد من موسمي إذا قمت بدفع ضريبة عن كل شجرة حتى أتمكن من جنيها وإذا تقاسمت نسبة من المحصول مع الفصائل، فما الذي سيبقى لي من المحصول؟”

وذكرت مصادر محلية من منطقة عفرين، لنورث برس، أن فصيل أحرار الشرقية التابع لتركيا فرض في ناحية جنديرس أربعة دولارات على كل شجرة زيتون ودولارين اثنين في القرى التابعة لمدينة عفرين وخمسة آلاف ليرة سورية في القرى والنواحي الأخرى.

فيما فرض فصيل النخبة التابع لتركيا، والذي يسيطر على قريتي دراقليا وميدانكي في ناحية شرا، التعامل بما يعرف بـ “الضمان”، وهو أن يعرض على السكان شراء الموسم بأكمله بسعر يحدده فصيل النخبة.

وقال “أبو محمد”، وهو اسم مستعار لأحد سكان قرية ميدانكي، إن أحد قادة فصيل النخبة عرض عليه مبلغ /250/ ألف ليرة  مقابل ضمان أرضه التي تحتوي على/630/ شجرة.

وأضاف: “رفضت عرضه، فهددني بالقول: إذاً ليس لي علاقة بما سيحدث لأشجارك ومحصولك”.

وكانت تركيا قد افتتحت بعد سيطرتها على منطقة عفرين بعدة أشهر معبر “غصن الزيتون” والذي يربط عفرين بولاية هاتاي التركية.

 المعبر دخل حيز التنفيذ في الثامن من تشرين الثاني/ نوفمبر 2018, أي بالتزامن مع موسم قطاف الزيتون في منطقة عفرين.

وقامت تركيا عبر ذلك المعبر بنقل زيت الزيتون إلى أراضيها لتصديره إلى الخارج على أنه “تركي المنشأ”.

وكانت صحيفة إسبانية قد نشرت، أواخر شهر كانون الثاني/يناير من العام الماضي، مقالاً تناولت فيه تصدير تركيا لزيت الزيتون من منطقة عفرين إلى الأسواق الإسبانية على أنه تركي المنشأ.

وقالت الصحيفة، آنذاك، إن “زيت الزيتون السوري المنشأ يتم خلطه مع منتج تركي قبل تصديره وتوضع عليه ملصقات مزيفة.”

وكان المجلس المحلي التابع لتركيا في عفرين قد قام بتحديد سعر تنكة الزيت هذا العام بـ /55/ ألف ليرة، بحسب سكان من المنطقة.

لكن أبو رشيد (50عاماً)، وهو اسم مستعار لأحد سكان قرية جقلا بناحية شيه، رأى أن السعر متدنّ وخاصة في ظل “فرض إتاوات وعمليات السرقة الخفية والعلنية للفصائل بتواطؤ مع بعض أصحاب المعاصر.”

“حرق وتحطيب”

وبحسب ما أفاد به إبراهيم شيخو، وهو الرئيس المشارك لمنظمة حقوق الإنسان- فرع عفرين، فإن القوات التركية والفصائل التابعة لها قامت منذ سيطرتها على عفرين بحرق واقتلاع  أكثر من /280/ ألف شجرة زيتون.

وكان عدد أشجار الزيتون في منطقة عفرين قبل سيطرة القوات التركية والفصائل التابعة لها يبلغ /18/ مليون شجرة زيتون، وفق احصائيات هيئة الزراعة التابعة للإدارة الذاتية في عفرين.

وذكر “شيخو” لنورث برس أن فصيل العمشات قام، خلال عام 2020، بإحراق /450/ شجرة زيتون في قرية مروانية في ناحية شيه، واقتلاع أربعة آلاف شجرة زيتون في ناحية بلبل.

وأضاف أن الفصائل التابعة لتركيا قامت أيضاً خلال عام 2020 باقتلاع عدد من الأشجار المعمرة في قرية كفر صفرة بناحية جنديرس “بحجة توسيع الطريق العام.”

وبلغت مساحة الأراضي التي أحرقتها القوات التركية وفصائل المعارضة منذ سيطرتها على عفرين حوالي /12/ ألف هكتار  بحسب “شيخو”.

لا مواسم للمهجرين

ويختلف حال مهجري عفرين بريف حلب الشمالي عن حال ممن بقي في المنطقة، فمع بدء موسم جني الزيتون كل عام يعودون بذاكراتهم إلى أجواء القطف وتحضيرات الموسم من تجهيزهم للأقمشة وحياكتها وتحضير السلالم وغيرها من التجهيزات.

واستذكرت ناديا محمد (30 عاماً)، وهي مهجرة من ناحية راجو بعفرين وتقطن في مخيم سردم بريف حلب الشمالي، عملها في قطف الزيتون، “كان النشاط يبدأ في مثل هذه الأيام من السنة، فنتوجه إلى الأرض رفقة الجيران والأهل ونقطف الزيتون وسط أجواء مليئة بالفرح والسعادة”.

وأضافت المهجرة التي تملك عائلتها أكثر /300/ شجرة زيتون في عفرين: “كنا نقوم بالاهتمام بالأشجار كما يهتم المرء بأطفاله، والآن تقوم الفصائل بجني محصولنا.”

وتعيش /1.765/ عائلة مُهَجَّرة من منطقة عفرين، تضم /7.044/ شخصاً، في خمسة مخيمات بريف حلب الشمالي هي العودة وبَرخودان وسَردَم والشهباء وعفرين، وفق آخر إحصائيات هيئة الشؤون الاجتماعية في الإدارة الذاتية بريف حلب الشمالي.

في حين يقطن قسمٌ آخرٌ من مُهَجَّري عفرين في منازل شبه مدمرة في /42/ قرية وبلدة بريف حلب الشمالي.

من جانبها، قالت هفين أحمد (43 عاماُ)، وهي مهجرة من ناحية جنديرس وتقطن في مخيم سردم: “كان الموسم يكفيني، كنت أعيل عائلتي من بيع الزيت والزيتون.”

وتتحسر “أحمد” على أشجارها، “كنا نمتلك /500/ شجرة، أفتقد الآن كل حبة زيتون و قطرة زيت، قامت الفصائل بتحطيب نصف أشجارنا.”

إعداد: دجلة خليل- تحرير: سوزدار محمد