“دمروا معملي وعرضوا علي أن أشتري بضاعتي” .. مهجر من عفرين يعيد بناء معمله في كوباني

كوباني -هيثم مسلم – نورث برس

 

في قبو إحدى المباني بمدينة كوباني يتنقل "شيرو"، وهو شاب مهجر من مدينة عفرين، بين آلات الخياطة، يوجه الإرشادات للعمال تارةً، ويقطع القماش بمقصه الكهربائي على طاولة كبيرة تارةً أخرى، "التحضير لموسم الشتاء القادم يحتاج إلى جهد إضافي".

 

وكان شيرو ميرال البالغ من العمر /35/ عاماً، يملك في مدينة عفرين معملاً كبيراً لإنتاج الألبسة القطنية والبدلات الرياضية، لكن عناصر المعارضة المسلحة المحسوبة على تركيا دمرت معمله بعد نهب مستودعاته وجميع الآلات والمعدات الخاصة به.

 

يقول: "بعد أن هُجرتُ مع عائلتي من مدينة عفرين، أرسلوا لي صوراً ومقاطع فيديو وهم يدمرون معملي، وعرضوا عليّ شراء بضاعتي ومعدات المعمل".

 

يتحدث الشاب لـ "نورث رس" عما شعر به من ألم  بعد رؤيته لتلك المشاهد على هاتفه، إلا أنها ولدت لديه الدافع لكي يعود ويبني معمله من جديد، "انطلاقاً من الصفر".

 

"تمكّنت من تأمين بعض الآلات وعدت إلى التواصل مع زبائني في الخارج، وها أنا أعمل مجدداً في كوباني".

 

ويشير الشاب بثقة إلى أنه ورغم الصعوبات التي واجهته إلا أنه تمكن من "إعادة الإنتاج وتطوير عمله".

 

ينتج "شيرو" في معمله عدة أصناف من الألبسة، ويصدرها إلى المحافظات السورية في الداخل، بالإضافة إلى توريدها لإقليم كردستان العراق ولبنان والأردن، ولكنه يشتكي من انقطاع الطرق التجارية أحياناً، ومن ارتفاع تكاليف استيراد المواد الأولية وكذلك تكاليف تصدير منتوجاته، بسبب ارتفاع أجور النقل والجمارك.

 

"شيرو" الذي يوفر معمله فرصة العمل لنحو /40/ عاملاً وعاملة، يرى أن النجاح لا يكمن في إعادة تأسيس معملٍ في كوباني بعد خسارته مئات الآلاف من الدولارات فحسب، بل في اعتماده على موظفيه وعماله السابقين الذين كانوا قد تهجروا معه وفقدوا ممتلكاتهم ومنازلهم ومصدر رزقهم.

 

وكان عدد معامل الألبسة في مدينة عفرين قد وصل قبل الاحتلال التركي للمدينة في أذار/مارس من العام 2018، إلى نحو /2400/ معملاً، وبعد الاحتلال تدمرت ونهبت أغلبها. إذ يشير "شيرو" إلى أن منتجي الألبسة في عفرين كانوا بارزين على مستوى أسواق سوريا والدول العربية، وأن معمله وحده كان ينتج يومياً ما يقارب /800/ قطعة من الألبسة.

 

كغيره من مئات الآلاف من مهجري عفرين، لم يفقد "شيرو" يوماً أمل العودة إلى مدينته، بالرغم من مرور ما يقارب أكثر من عامين ونصف على تهجيره، ويرى أن استمراره في العمل بكوباني واستكمال ما حققه من نجاح في مدينته، يلهمه الثقة من أن عفرين ستعود إليهم يوماً، وأنه ينتظر ذلك اليوم الذي سيعيد فيه بناء معمله القديم، كجزء من إعادة إعمار مدينته.