القوات التركية تواصل إخلاء نقطة عسكرية والانتشار من جديد شمال غربي سوريا
إسطنبول/ قامشلي – نورث برس
واصلت القوات التركية، الثلاثاء، عمليات إخلاء نقطة المراقبة التاسعة قرب مدينة مورك الواقعة ضمن سيطرة قوات الحكومة السورية شمال محافظة حماة.
وبدأت تركيا اعتباراً من تشرين الأول/أكتوبر 2017 بإنشاء نقاط عسكرية في شمال غربي سوريا بعد توصلها مع روسيا إلى اتفاق لإنشاء منطقة “خفض التصعيد.”
وقال مصدر ميداني لنورث برس، إن /20/ آلية ثقيلة غادرت نقطة المراقبة التركية قرب مدينة مورك متجهةً نحو قرية معر حطاط بريف إدلب الجنوبي.
وتُعدُّ نقطة مورك، المحاصرة من جانب قوات الحكومة السورية، أكبر النقاط العسكرية للقوات التركية بريف محافظة حماة حيث تتمركز فيها منذ نحو عامين.
وأضاف المصدر أن الآليات التركية المنسحبة من النقطة، بدأت بعملية إعادة التجمع والانتشار بين النقاط العسكرية المنتشرة في منطقة خفض التصعيد.
في غضون ذلك، أفاد المرصد السوري لحقوق الانسان ومقره المملكة المتحدة، بخروج آليات عسكرية وشاحنات محملة بكتل اسمنتية ومواد لوجستية من نقطة مورك.
وأدت سيطرة القوات الحكومية على مناطق بريف حماة الشمالي وريف إدلب الجنوبي مطلع العام الحالي، إلى محاصرة عدد من النقاط التركية بريفي حماة وإدلب.
حقيقة الانسحاب التركي
وقال مصدر من الجيش الوطني السوري، إن القوات التركية بدأت الانسحاب من نقطة المراقبة العسكرية في منطقة مورك بريف حماة الشمالي، إضافة لبعض المواقع الأخرى (لم يسمها).
وأضاف المصدر الذي فضل عدم الكشف عن هويته لنورث برس، إنه “لا يوجد إعلان رسمي من القيادة العسكرية التركية، لكن الأمر حقيقي وهناك على الأغلب انسحاب من قاعدة مورك وعدة قواعد أخرى.”
وأشار المصدر إلى أن “أسباب الانسحاب غير معروفة، لكن في الأساس وجدت هذه القواعد للمراقبة ولا يوجد فيها إمكانيات وتجهيزات عسكرية قتالية، بعكس القواعد التي أنشأت لاحقاً.”
وربما يكون أمر الانسحاب لإعادة تفاهم تركي ـ روسي جديد يدفع إلى مفاوضات جديدة بين الطرفين “لتثبيت الأوضاع وغيرها من الدلائل الأخرى، لكن التفاصيل الحقيقية منوطة بالجيش التركي”، بحسب المصدر.
ومنتصف أيلول/سبتمبر الماضي، ذكرت وسائل إعلام روسية أن وفداً روسياً التقى بوفد تركي في أنقرة وكان محور الاجتماعات التي استمرت ليومين هو خفض التواجد العسكري التركي في منطقة إدلب وتقليص عدد النقاط التركية هناك.
وأشار حينها إلى أن تركيا رفضت هذا الطرح إلا أنها عادت وقبلت بهذا الأمر.
لكن مراقبين أشاروا إلى أن الطرف التركي لم يعط أي تأكيدات أو تفاصيل حول هذا الطلب والمقترح الروسي وإن كان سيقبل به أم لا.
وقالت مصادر موالية للحكومة السورية، حسب ما تم تداوله على منصات التواصل الاجتماعي إن النقاط التي سينسحب منها الجيش التركي هي: النقطة /9/ في مدينة مورك شمال حماة، والنقطة /11/ في بلدة شير مغار غرب حماة، والنقطة /6/ في بلدة الصرمان شرق إدلب.
تقليص بعض المساحات
وقال سليم الخراط، أمين عام حزب التضامن الديمقراطي، يقيم في دمشق، إن “إعادة تموضع القوات التركية في منطقة جبل الزاوية جنوب إدلب، هو بداية تحركات هدفها تقليص المساحات المسيطر عليها من قبل المجموعات المسلحة المعتدلة، لصالح المجموعات الإرهابية المدعومة من تركيا.”
ويأتي ذلك، بحسب “الخراط”، لمواجهة الاستعدادات القائمة من قبل قوات الحكومة السورية، “ما يؤكد الاستعدادات على كل الأصعدة لتنفيذ اتفاقات سوتشي بضغط روسي مباشر.”
وأشار “الخراط” لنورث برس، إلى أن “التركي يستعد لكافة الاحتمالات عبر ضغط مستمر من خلال دعم مجموعاته المسلحة المتطرفة، بالتوازي مع استعداده التخلي عن الكثير من نقاط المراقبة.”
ويسعى لذلك، تمهيداً لانسحابات تحت مسمى “تكتيك”، آخرها سيكون الخروج الحتمي والنهائي من الأراضي السورية، في الأيام والأشهر القادمة”، بحسب “الخراط”.
وسبق تلك التطورات المتعلقة بانسحاب القوات التركية من نقطة مورك وغيرها من النقاط الأخرى، احتجاجات شعبية من موالين للحكومة السورية والخروج بوقفات احتجاجية بالقرب من إحدى نقاط المراقبة التركية في الشمال السوري.
وطالب المحتجون خلالها بالانسحاب ونددوا بما وصفوه “الاحتلال التركي للأراضي السورية.”
وقد ركزت وسائل الإعلام الروسية على هذه الاحتجاجات ضد نقاط المراقبة التركية، الأمر الذي رأى فيه مراقبون أنه ضغط روسي ومن قبل الحكومة السورية على تركيا.
ضغوط على تركيا
وقال مراد مصطفى، وهو باحث مختص بالشأن التركي، يقيم في إسطنبول، إن “هذه الخطوة تأتي ضمن الضغوط الممارسة على النظام التركي.”
لكن بالمقابل، “روسيا ما زالت متشبثة بتخفيض القطاعات العسكرية والأسلحة الثقيلة والرد التركي بالمقابل إرسال المزيد من التعزيزات العسكرية” بحسب ما قال “مصطفى” لنورث برس.
وأضاف أنه “وبالعودة إلى روسيا فهي تحاول خلق توازن تكتيكي في المنطقة لصالح النظام يتبعه خطوات استراتيجية قادمة لقضم المزيد من الأراضي الخاضعة لسيطرة المعارضة.”
لكن المعضلة الحقيقية، بحسب الباحث، هي أن “روسيا تطالب الجانب التركي بحل هيئة تحرير الشام وإخراج المقاتلين الأجانب.”
وأشار إلى أن “النظام مازال يتبع خطته الأولى وهي القضم المتدرج مستخدماً سياسة الصدمة والترويع أولاً ومن ثم ينتقل إلى سياسة الأرض المحروقة التي تمهد لإفراغ المنطقة التي سيسيطر عليها.”
لكن بالمقابل اليوم، وبحسب “مصطفى” من يقود العمليات البرية هي إيران وسيرفع عنها استيراد وتصدير السلاح وكذلك العقوبات التي فرضت على شخصيات سياسية وعسكرية.
وهذا “سيعطي دفعة نوعية جديدة لإنعاش النظام ودافعاً جديداً للسيطرة في المرحلة الأولى على جنوب الطريق الدولي M4، ومن ثم ينتقل إلى الخطط القادمة للالتفاف مجدداً إلى ما بعد نقاط المراقبة التركية”، بحسب “مصطفى”.
مصدر مقرب من فصائل المعارضة السوري ويدعى “أبو عبادة الإدلبي” قال لنورث برس، إنه “في الداخل يعتبر هذا الخبر بمثابة فاجعة للنازحين الذين صدقوا وعود تركيا بإرجاع النظام حتى مورك وإعادتهم إلى بيوتهم وبلداتهم.”
لكن اليوم، بحسب “الإدلبي” هناك “ما يشبه خيبة أمل لدى كثيرين من هذا الموضوع.”