“مخاطر وإهانات”.. طرق التهريب من شمالي سوريا إلى تركيا

ريف حلب الشمالي – نورث برس

تمضي “أم يوسف”، وهو اسم مستعار لامرأة أربعينية، أيامها مكرهة في مخيم قرب مدينة أعزار بريف حلب الشمالي بانتظار محاولة جديدة لاجتياز الحدود كي تصل إلى ابنها في تركيا.

ويزداد عدد من يحاولون عبور الحدود التركية شمالي سوريا مع تجدد الاضطرابات في جبهات الشمال السوري ولا سيما مع ما تثيره الأنباء من ريف إدلب الجنوبي من مخاوف.

ويلجأ معظم من يحاولون دخول الأراضي التركية إلى طرق تهريب خطرة في ظل عدم توفر طرق أخرى لجمع شمل عائلاتهم أو تأمين عمل لتلبية احتياجاتهم.

وقالت “أم يوسف”، التي تتحدر من قرية ياقد العدس غرب مدينة حلب، إنها اضطرت للإقامة عند ابنتها المتزوجة بعد سيطرة قوات النظام على ريف حلب.

إلا أن زوج ابنتها لم يرضَ باستمرار بقائها في منزله، ما دفعها لاتخاذ قرار السفر إلى تركيا حيث يقيم ولدها.

وأضافت لنورث برس: “قمتُ بعدة محاولات على الخط الحدودي مع تركيا ولم أستطع العبور بسلام، كان آخرها محاولة عبر مهرّب بالقرب من معبر حور كلس.”

لكن الجندرمة التركية قبضت على “أم يوسف” مع ثلاث نساء وطفل بسن السادسة عشرة وخمسة شبّان كانوا يرافقونها.

“قاموا على الفور بضرب الشباب بالهراوات كما يفعل جنود النظام، وهمَّ الجندي التركي بضرب الطفل فصرخت: أرجوك لا تضربه… هذا طفلي.”

الموقف جعل المرأة تؤجل التفكير بالخروج ريثما يتم تأمين طريق آمن للوصول إلى ولدها دون مخاطر.

وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان، قد وثّق، الأسبوع الماضي، فقدان طفل لحياته برصاص حرس الحدود التركي خلال محاولته دخول الأراضي التركية من قرية “فقيرا” عند الحدود السورية مع لواء إسكندرون بريف جنديرس شمال غرب حلب.

وبحسب توثيقات المرصد السوري لحقوق الإنسان، ارتفع تعداد المدنيين السوريين الذين فقدوا حياتهم برصاص الجندرمة التركية منذ انطلاق الاحتجاجات في سوريا إلى /459/ مدنياً، بينهم /81/ طفلاً دون الثامنة عشر، و/44/ مواطنة فوق سن الـ/18/.

ومع تحشيد القوات التركية والفصائل التابعة لها على جبهات القتال في منطقة جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي في استعداد لمعركة محتملة، قرر البعض الفرار من جحيم الموت والغلاء.

وتمكن أحمد المنصور (32 عاماً)، وهو من سكان بلدة كنصفرة جنوب إدلب، من العبور إلى ولاية مرسين التركية للعمل هناك في معامل الخشب حسب وعود أقارب له هناك.

وقال “المنصور” لنورث برس: “بعد عدة محاولات للعبور من مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام، أخبرني صديقي بوجود طرق تهريب آمنة في مناطق درع الفرات.”

وأضاف أن خطة المهرِّب في أعزاز كانت تعتمد على توريط عدة دفعات بالعبور في وقت واحد، ليقوم هو بتأمين دفعة أخرى بعد انشغال الجندرمة بالقبض على السابقين.

وكانت نقطة العبور في منطقة أكدة المحاذية لولاية كلّس التركية، واشترط المهرِّب أن يكونوا جميعاً من الشباب القادرين على الجري بسرعة، بعد تشتيت أنظار الجندرمة، بحسب “المنصور”.

وفضّل الشاب دفع /200/ دولار إضافية على المبلغ المتفق عليه (600 دولار) لضمِّه إلى المجموعة الثالثة.

وتتراوح أسعار تهريب الأشخاص بحسب مدى خطورة المكان والطريقة ما بين /600/ و /2800/ دولار أمريكي، بحسب مهرِّب في ريف حلب الشمالي.

وقال المهرِّب الذي رفض كشف اسمه إن أضمن الطرق هو “شراء النقطة التركية”، في إشارةٍ إلى تقديم رشاوى للجنود والضباط الأتراك، لكن ذلك يكلِّف الكثير.

وأضاف أنه يتفق أحياناً مع الضابط التركي المناوب عبر بوابة معبر حور كلّس العسكري على مبلغ /1600/ دولار أمريكي مقابل إدخال أشخاص في سيارته التي لا يتمّ تفتيشها.

لكن تيسير الجاسم (37 عاماً)، وهو من سكان منطقة سنجار شرق إدلب، قال إن كلَّ محاولاته لاجتياز الحدود مع زوجته باءت بالفشل.

وأضاف أنه تم ضربه بطريقة وحشية مع الشبّان الذين كانوا معه، “كان آخرها ضربه على رأسي بأخمص البندقية نزفت بعدها من أنفي، فضلاً عن الألفاظ النابية للجنود الأتراك.”

ويقول “الجاسم” إنه عزف حالياً عن فكرة الدخول للأراضي التركية، “فالموت هنا بصواريخ النظام أفضل من الإهانات المتكررة للسوريين فضلاً عن الإيجارات الغالية والدخل المتدني لأغلب الأعمال هناك.”

إعداد: خالد الحسن – تحرير: حكيم أحمد