“قصر الأندلس” فندق يحافظ على طرازه التراثي في مدينة الرقة
الرقة- نورث برس
بالرغم من مرور /73/ عاماً على بنائه، لا يزال فندق قصر الأندلس من أعرق فنادق مدينة الرقة، شمالي سوريا، محافظاً على طابعه العمراني وطبيعته القديمة، وشاهداً على العشرات من الأحداث والحروب التي مرت بها المدينة.
ويستقبل فندق قصر الأندلس، الواقع قرب دوار الساعة وسط مدينة الرقة، نزلائه في وقت خرجت فيه فنادق المدينة عن الخدمة أثناء المعارك التي دارت بين عناصر تنظيم الدولة وقوات سوريا الديمقراطية بدعم من التحالف الدولي عام 2017.
“جو هادئ”
وقال بشير العلي (٣٨عاماً)، وهو تاجر مواشٍ من بلدة تل حميس التابعة لمدينة القامشلي، إنه يتردد منذ عامين على هذا الفندق، وذلك بسبب طبيعة عمله الذي يتطلب التنقل المستمر بين مدن شمال وشرقي سوريا.
وأضاف لنورث برس: “أنزل في هذا الفندق كل مرة آتي فيها إلى مدينة الرقة، فلا يوجد لدي أقارب أقيم عندهم هنا، فأرتاح في الفندق حتى انتهاء عملي.”
ويتوجه “العلي” إلى فندق قصر الأندلس “لبساطته وانخفاض أجرة الإقامة فيه، كما أن طبيعة بنائه وهدوء الجو داخله يشعرك وكأنك في منزلك”، على حد قوله.
وقال أمجد الدرويش (59عاماً)، وهو صاحب الفندق، إن الفندق كان طيلة الأعوام الماضية نزلاً لكثيرين من سكان الريف عند قدومهم إلى المدينة، “وشجع ذلك أنه كان بارداً في الصيف ودافئاً في الشتاء.”
وبُني فندق قصر الأندلس عام 1947 من الحجر والطين، ليكون أول فندق بطابع مدني في الرقة آنذاك، وحافظ طيلة العقود السابقة على طابعه الشعبي الذي يريح نزلاءه، بحسب ما ذكره صاحبه.
وكان فندق قصر الأندلس قديماً مقصداً للعديد من الشخصيات العربية، أبرزهم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والفنان اللبناني فيلمون وهبة، والفنانان العراقيان حميد منصور وياس خضر وغيرهم.
كما كان الفندق ملتقى لشيوخ عشائر ومثقفين وشعراء وأدباء من الرقة، ومقصداً لسكان الريف الذين كانوا ينزلون به عند قدومهم إلى المدينة.
“ثكنة عسكرية”
وأشار “الدرويش” إلى أن الفندق تعرض لفترة ركود أثناء سيطرة “الجيش الحر” عام 2013، بسبب حالة النزوح التي شهدتها المدينة في تلك الفترة وقلة عدد الوافدين إليها.
وكان الفندق قد تحول أثناء سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على مدينة الرقة 2014، إلى ثكنة عسكرية لعناصر التنظيم “خصوصاً للمهاجرين منهم”.
وأضاف مالك الفندق: “احتلت داعش الفندق طيلة سيطرتها على مدينة الرقة لتحوله إلى مقر يعقد فيه عناصرها اجتماعات سرية دون أن أستطيع أن أحرك ساكناً.”
وتعرض الفندق أثناء المعارك ما بين عناصر التنظيم و”قسد”، لقصف طائرات التحالف الدولي، لتتضرر أجزاء من بنائه.
وكان يضم قبل المعارك /12/ غرفة منفصلة، “بقيت منها ثماني غرف فقط صالحة لاستقبال النزلاء.”، بحسب ما أفاد به “الدرويش”.
وحمل “الدرويش” عناصر التنظيم مسؤولية تعرض فندقه للقصف، “تسبب تواجد عناصر التنظيم في الفندق بقصفه من قبل طيران التحالف الدولي.”
وكانت مدينة الرقة تحتوي قبل المعارك التي دارت بين عناصر التنظيم و”قسد” على /12/ فندقاً، “تدمرت معظمها ولم يبقَ في المدينة سوى ثلاثة فنادق كان قصر الأندلس أحدها.”
وقام مالك الفندق، بعد طرد عناصر التنظيم من مدينة الرقة عام 2017، بترميم الأجزاء المدمرة من الفندق بالطابع العمراني نفسه.
ورفض “الدرويش” جميع العروض التي قدمت له لإزالة بناء الفندق القديم وإعادة بنائه بشكل جديد، “ليس لاعتبارات مادية وإنما لما يعنيه من قيمة معنوية.”
” قصر الأندلس ليس مجرد نزل يبيت به المسافرون، إنما هو رمز ثقافي لجميع سكان المدينة وله أثر في نفس كل من أقام به.”