عادة قديمة للحلاقين تعود إلى القامشلي مع استمرار إجراءات الإغلاق بسبب كورونا

القامشلي- سربست حسن/ ماتين اسماعيل – نورث برس

 

مع طول أمد فترة حظر التجوّل في مناطق الإدارة الذاتية وتمديدها للمرة الثانية، وتحت ضغط ظروف المعيشة وتأمين قوت العائلة، يلجأ بعض الحلاقين إلى اتباع عادة قديمة كانت متعارفة بين نظرائهم في المهنة من أبناء المنطقة قديماً.

 

"يتصل بنا الزبائن كي نحلق لهم إما في منازلهم أو في مكان آخر، ولا خيار لدينا، لكون العمل مصدر معيشتنا الوحيد".

 

هكذا يكشف الحلاق الثلاثيني، أحمد كوكاني، لـ"نورث برس"، كيف اضطر كما حال آخرين إلى مزاولة عمله سراً، وذلك بعد أن أغلق صالونه في القامشلي منذ بدء حظر التجوّل قبل نحو شهر.

 

وبات "كوكاني" يتبع عادة حلاقي المنطقة فيما سبق، حينما كانوا يرتادون منازل زبائنهم، في فترات لم تكن فيها صالونات الحلاقة متوفرة شأن وقتنا الراهن.

 

ويعتمد غالبية ممتهني الحلاقة في تأمين معيشتهم على الدخل اليومي الذي يجنونه، لذا يرى أحمد أن طول فترة الحظر أثر بشكل كبير على وضعه المادي في ظل الظروف الحالية، خاصة وأنه كان قد نزح من مدينته عفرين، نتيجة الهجوم التركي على المدينة في العام 2018.

 

 

ويزاول أحمد مهنة الحلاقة منذ /17/ عاماً التي يقول إنه ورثها عن جده، وهي مصدر دخله الوحيد حالياً.

 

ويوضح، لـ "نورث برس"، أنه "ومع بدء فترة حظر التجول توقفنا والتزمنا بالقرار، لأن ذلك أضمن لسلامتنا وسلامة الزبائن".

 

 

وأثر حظر التجول المفروض من قبل الإدارة الذاتية على مناطق شمال شرقي سوريا، وإغلاق المحال على الحالة الاقتصادية التي يمر بها أصحاب أغلب المهن في المنطقة.

 

ويشير إلى أن الحلاقة في المنازل كانت موجودة قبل فترة الحظر أيضاً، لكنها كانت محصورة بحالات معينة، كأن يكون الزبون مريضاً أو مصاباً ولا يكون بمقدوره زيارة الصالون.

 

ويقول بعد ابتسامة خفيفة: "كلما أدخل إلى بيت زبون جديد، تراودني ذكرى جدي وحكاياته مع الحلاقة".

 

"لم توجد في زمان جدي محلات مخصصة للحلاقة، بل كانوا يحملون عدتهم في حقيبة ليتجولوا بها في القرى بمواعيد وأيام محددة لكل قرية، يمارسون فيها الحلاقة مقابل أجورٍ بسيطة، قد لا تقتصر على النقود وحدها".

 

وينقل أحمد عن جده كيف أن الزبون، حينها، كان غالباً ما يدفع أشياءً أخرى بدلاً عن النقود، "كأن يعطي ثماراً من زرعه أو قمحاً وهكذا".

 

ورغم ارتياده لمنازل زبائنه، إلا أن الحلاق يؤكد التزامه بإجراءات الوقاية من فيروس "كورونا".

 

ويوضح: "إجراءات الوقاية بسيطة، هي عبارة عن قفازات وكمامة وذلك لعدم تعريض الزبون للخطر، كما ولحماية نفسي أيضاً".

 

ويتابع، "طبعاً أقوم بتعقيم كامل العدة كالشفرة والمقص قبل الحلاقة لكل زبون على حدة، كما أقوم بتغيير القفازات والكمامة في كل مرة".

 

ويتمنى أحمد، كما غالبية زملائه في المهنة، أن تسمح الإدارة الذاتية للحلاقين بفتح صالوناتهم، "لثلاث ساعات في اليوم على الأقل".

 

ويرى أن فتح عدد محدود من الصالونات، قد يتسبب بازدحام فيها ما قد يزيد من مخاطر انتشار الفيروس.

 

ويلفت إلى أنهم يضطرون للعمل بهذه الطريقة لكونهم لا يستطيعون تأمين قوت عوائلهم، ويضيف: "معيشتنا تعتمد على عملنا اليومي ولسنا كالتجار أو أصحاب المشاريع، ونتأثر بشكل أسرع إذا ما توقفنا عن العمل مدة طويلة".

ويبدو أن العديد من الحلاقين في مدينة القامشلي يلجؤون مع طول أمد حظر التجول إلى مزاولة عملهم بالسر، حتى وإن اضطروا إلى إغلاق أبواب محلاتهم خشية التعرض للغرامة التي تقتضيها قرارات الإدارة الذاتية بحق مخالفي قرار الحظر.

 

وكانت الإدارة الذاتية في شمال وشرقي سوريا، قد أقرت، الثلاثاء الماضي، تمديد فترة حظر التجوّل للوقاية من تفشي وباء "كورونا"، للمرة الثانية وذلك لمدة عشرة أيام أخرى.

 

 وفي حين سمحت للعديد من أصحابي المحلات والمهن بمزاولة أعمالهم، لم يرد ذكر الحلاقين، فيما تتحدث مصادر إعلامية أن الإدارة الذاتية تدرس قراراً يسمح للحلاقين بفتح صالونات الحلاقة ليوم واحد في الأسبوع على غرار محلات الصرافة التي تفتح يومين في الأسبوع.