قصة ثلاثة أخوة من عائلة سورية نازحة.. حرمتهم الحرب فرص استكمال العلاج
منبج – صدام الحسن – نورث برس
كان يمكن أن يكون مرضاً من الممكن علاجه لولا أن الحرب زادت من معاناة أخوة ثلاث من عائلة واحدة محمد الرمضان \17\ عاماً، وعمر \13\ عاماً، وسلمى ذات الأعوام العشرة، فقدوا بصرهم منذ الطفولة، وحالت ظروف الحرب والنزوح دون جهود وفرص معالجتهم وامكانية استعادة أبصارهم.
يعيش الأخوة الثلاثة الآن مع والدتهم التي فقدت النطق، في خيمة واحدة مع أكثر من عائلة لعمومة أمهم بالمخيم الشرقي في مدينة منبج شمالي سوريا، وسط نقص الخدمات الأساسية، وتناقص فرص استعادة البصر بالنسبة للأخوين وأختهما.
طال النزوح
بدأت رحلة نزوح العائلة في أواخر العام 2017 من مدينة مسكنة، /100/ كم شرق حلب، إثر الحملة العسكرية التي شنتها قوات الحكومة السورية على آخر جيوب "تنظيم الدولة الإسلامية" (داعش) في ريف محافظة حلب.
في رحلة النزوح تلك قضى والدهم جراء انفجار لغم من مخلفات "تنظيم الدولة" وفقدت والدتهم النطق جراء صدمتها بوفاة زوجها، وفق ما أوضحته سلمى الناصر، خالة الأخوة الثلاثة، لـ "نورث برس".
فيما بعد انتقل الأخوة مع والدتهم إلى مخيم عين عيسى ليستقروا فيه قرابة ثلاث سنوات، لكن الحملة العسكرية التركية على مناطق شمال وشرقي سوريا في تشرين الأول/ أكتوبر من العام 2019 أجبرت العائلة على النزوح إلى مدينة منبج، ليبقوا هناك ستة أشهر قبل أن ينتهي بهم المطاف في مخيم منبج الشرقي.
وقال محمد، الأخ الأكبر، لـ "نورث برس"، "انتقلنا إلى مخيم منبج الشرقي منذ قرابة شهر، ومنذ ذلك الوقت لم نحصل على خيمة تأوينا أنا وأخوتي وأمي لعدم توفرها، ولذلك نقيم مع أقرباء أمي".
ويعاني المخيم الشرقي في منبج من نقص شديد في الخدمات والمساعدات والمستلزمات الضرورية، ما يحرم العائلة من الحصول على خيمة خاصة بهم في ظل غياب الدعم المقدّم من المنظمات الإنسانية الدولية.
وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد قالت في بيان مع دخول الصراع السوري عامه العاشر إن أكثر من 2.8 مليون طفل خارج المدرسة داخل سوريا والدول المجاورة، وأن أكثر من ثلثي الأطفال الذين يعانون من إعاقات جسدية أو عقلية يحتاجون إلى خدمات متخصصة غير متوفرة في منطقتهم.
علاج لم يكتمل
يقول محمد ، إنه خلال فترة استقرارهم بمخيم عين عيسى "قدمت منظمة (مار أفرام) مساعدة للعلاج، لكن لم تكتمل فرحتنا بسبب الهجوم التركي على المخيم ما أجبرنا على ترك المخيم والتوجه إلى مدينة منبج".
وأجرت المنظمة عمليات زراعة قرنية للأخوة الثلاثة قبل ثلاثة أشهر في مشفى العيون بالعاصمة دمشق، لكن، "نحتاج إلى فترة تسعة أشهر للمراقبة وتبيان نسبة نجاح العمليات، من خلال مراجعة المشفى كل شهرين، لكن الظروف التي مررنا بها وضعف إمكانيات العائلة تمنعنا من الذهاب إلى دمشق".
وأوضحت سلمى الناصر، أن أبناء أختها بحاجة إلى العناية بعد إجرائهم للعمليات، وأنهم أصبحوا الآن أكثر عرضة للأمراض والالتهابات في عيونهم نتيجة وجودهم في خيمة مزدحمة، رغم تأكيد الأطباء على حاجتهم إلى خيمة مستقلة خاصة بهم كي يبقوا بمعزل عن الناس ويتجنبوا الاختلاط مع أحد.
صعوبات مستمرة
وأضافت الخالة التي تستضيف أختها مع أبنائها في خيمتها: "لا تملك أختي أي شيء ولا يوجد أي معيل لها ولأولادها، رغم حاجتها إلى أخذهم كل شهرين إلى دمشق من أجل مراجعة المستشفى، والكشف عن مضاعفات محتملة للعمليات ومدى تماثلهم للشفاء".
وعلاوة على ما تحتاجه عائلة الرمضان من عناية خاصة، إلا أنها كحال /387/ عائلة أخرى من نازحي مدينة مسكنة بريف حلب الشرقي، يعيشون ظروفاً معيشية صعبة في مخيم منبج الشرقي, في ظل شتاء قارس ونقص شديد في وسائل التدفئة.
من جهته وعد محمد منصور، الإداري في المخيم الشرقي بمنبج، بإيجاد حلول تخفف من معاناة عائلة الرمضان التي تحتاج خيمة خاصة واستكمالاً لعلاج أفرادها في دمشق، بالإضافة لمشكلات عائلات أخرى في المخيم.
لكن منصور لفت إلى أن غياب الدعم الإنساني والإغاثي، لا سيما بعد غياب المنظمات المحلية أيضاً في ظل انتشار المخاوف من انتشار فيروس "كورونا المستجد"، "يجعل الأمر في غاية الصعوبة خاصة بعد زيادة أعداد النازحين وقلة الامكانيات لدى الإدارة المدنية في منبج.
ولا يعلم محمد وأخوته ما الذي تخفيه الأيام القادمة لهم، مع دخول الحرب في البلاد عامها العاشر، لكن الأمل يحدوهم في أن تتوفر لهم فرصة تلقي العلاج واستكماله مجدداً، علهم يبصرون الحياة من جديد.