كبرئيل بحو.. قصة شغف بأعمال الكهرباء توّجها أبناؤه بتحصيل علمي

 

القامشلي- ريم شمعون/شربل حنو- نورث برس

 

لم يكن يخطر لتلميذ الإعدادية الذي عمل على تركيب مصباح إضاءة لدراجته الهوائية في ريف القامشلي، وانكب على تطبيق دروس الفيزياء في منزله الريفي، أنه سيشهد ذات يوم تخرج ابنه من قسم الروبوتات بجامعة ألمانية.

 

بدأت قصة شغف كبرئيل بحو، /65/ عاماً، من سكان القامشلي شمال شرقي سوريا، بالكهرباء منذ أن كان طفلاً يذهب بدراجته الهوائية إلى المدرسة الإعدادية في بلدة تربه سبي/ القحطانية والتي تبعد عن قريته "خويتلى سفلى" غربي البلدة بثمانية كيلومترات.

 

كان بحو، البالغ من العمر آنذاك /12/ عاماً، مضطراً للذهاب إلى البلدة يومياً، لارتياد المدرسة الإعدادية، لأن قريته لم تكن تحتوي سوى مدرسة التعليم الابتدائي، ما دعاه إلى تزويد دراجته بأضواء موصولة بدارة شحن كهربائية، باستخدام مولدة صغيرة مثبتة بعجلة الدراجة، لينير طريق عودته إلى القرية مساءً.

 

" كان الدوام المدرسي ينتهي في الرابعة مساءً، في حين يحل الظلام باكراً خلال الشتاء، فقمت بتركيب أضواء لدراجتي على دارة شحن كهربائية.. بالإضافة لتركيب مولدة كهربائية صغيرة لتخفيف الجهد الذي كنت أبذله أثناء قيادة الدراجة للحصول على الإضاءة".

 

عندما أصبح في الصف الثامن، زاد اهتمامه بالمعدات الكهربائية ليقوم بتفكيك الأجهزة الكهربائية وإعادة تركيبها، وخاصة بعد أن بدأ بتلقي دروس الفيزياء في المدرسة، ليعود ويطبقها بشكل عملي على الأجهزة الموجودة في منزله القروي، " بدأت التعلم أكثر من تطبيق تلك الدروس".

 

وبعد إنهائه امتحانات الشهادة الثانوية بفرعها العلمي عام  \1974\، أتيحت لبحو فرصة لممارسة هوايته بشكل عملي خلال العطلة الصيفية، حينما عمل مع الخبراء الروس في تركيب الأجهزة والمحركات الكهربائية بصوامع الحبوب شرقي مدينة القامشلي.

 

لكنه حينما حصل على الشهادة الثانوية، لم يكمل بحو دراسته لعدم توفر إمكانات تأمين مصاريف الدراسة الجامعية لديه، بل التحق بالخدمة الإلزامية "التجنيد" أوائل عام 1975، لينهيها بعد أربع سنوات ويبدأ بالبحث عن دكان صغير في مدينة القامشلي لينطلق منه في عمله بتمديد الخطوط الكهربائية داخل المنازل.

 

"اشتريت بمبلغ صغير حسب إمكاناتي حينها مواداً وأجهزة كهربائية للعمل بتمديد الكهرباء للمنازل في ذلك الوقت، وكانت اغلب المنازل حينها مبنية من التراب، أقوم بتمديد الكهرباء لها، بعد أن أستأجرت محلاً صغيراً في حارة (الطي) مقابل مئة ليرة شهرياً".

 

استطاع بعدها تأمين وظيفة له في طوارئ الكهرباء بمدينة القامشلي، والتي بقي مواظباً عليها مع متابعة عمله الخاص في دكانه، إلى أن أحيل للتقاعد عام2015.

 

يجلس كبرئيل بحو في دكانه الصغير في حي الوسطى الذي انتقل إليه قبل سنوات، هو الآن أب لخمسة شباب و فتاتين، يفضل العمل في دكانه الصغير بدل قضاء أوقاته في المنزل رغم تقدمه في السن وتقاعده من الوظيفة.

 

انتقل شغفه بالكهرباء إلى أبنائه، ولاقى اهتمامهم بمهنة الأب تشجيعاً منه، فقد أكمل ابنه روبيل  دراسة المعهد الصناعي الكهربائي في الحسكة، بعد أن كان يملك هواية في هذا المجال منذ صغره.

 

 " كنت أراقبه وهو صغير عندما ركّب للعبته الصغيرة محركات من الراديوهات التي كنت أقوم بتصليحها في المحل، في إحدى المرات أضاف بعض القطع على لعبته فبدأت تعمل على  جهاز تحكم".

 

ولم يكن روبيل، الذي أنهى دراسته وساعد والده في إدارة محله، الوحيد المهتم بمهنة الوالد من بين الأبناء، بل وجد الابن الأصغر سركون بيئة مناسبة للإبداع في الميدان نفسه، بعد أن وجد اثنين من العائلة يعملان على إصلاح العديد من الأجهزة الكهربائية المعطلة لزبائن من المدينة.

 

يقول والده إنه صنع شواحن خاصة بالبطاريات، "ومنذ ست سنوات سافر إلى ألمانيا لمتابعة دراسته في هذا المجال، ليتخرج منذ قرابة شهر من قسم الروبوتات بكلية هندسة الإلكترون".