البدو والدروز في السويداء.. علاقات تاريخية لم تهتز رغم محاولات الفتنة

السويداء- نورث برس

يرى كتاب ومؤرخون من محافظة السويداء، جنوبي سوريا، أن الأحداث الدامية وجميع الصراعات في البلاد والمنطقة لم تؤثر على العلاقات التاريخية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية بين البدو والدروز.

وتتوزع العشائر البدوية على أطراف مدينة السويداء الشمالية والشرقية في مناطق الحروبة ورجم الزيتون والمقوس.

ويتواجدون أيضاً بكثافة في بلدة عرى/11/ كم جنوب غرب مدينة السويداء ذات الغالبية الدرزية.

“تجارة الملح”

وقال كمال الشوفاني (55 عاماً)، وهو مؤرخ وكاتب من السويداء، إن تواجد القبائل البدوية في منطقة جبل العرب يعود إلى ما قبل سكن الدروز الذين قدموا إلى هذه المنطقة منذ القرنين الـ/17/ والـ/18/.

وأضاف أن علاقات اقتصادية بين عشائر البدو والدروز “كانت ولا تزال قائمة ولكن بشكل أقل من السابق.”

وتطرق الباحث إلى تجارة الملح إذ كان البدو الرحل يأتون به من مصادره في عمق الصحراء الجنوبية التي كانت تمتد نحو الجزيرة العربية ويبيعونه للسكان الدروز.

ورأى ” الشوفاني” أن تلك العلاقة جعلت الأواصر الاجتماعية تتوطد بينهم، بالإضافة إلى أن بعض أبناء العشائر البدوية في السويداء كانوا يرعون قطعان أغنام وماعز تعود ملكيتها إلى عائلات درزية.

“شراكة الخيل”

ولفت إلى شراكة “عميقة” بين المجتمع البدوي والمجتمع الدرزي من خلال ما يسمى بـ”شراكة الخيل”.

حيث قدمت عشيرتا السعود والوهبان المتحدرتين من البادية السورية بعض الخيول العربية الأصيلة إلى بعض الزعامات والعائلات الدرزية كآل الأطرش وآل عامر كعربون تقدير لمنطقة جبل العرب وساكنيها.

وذكر “الشوفاني” أن هناك وثيقة لشراكة الخيل يعود عمرها إلى عشرات السنين.

وتعود أصول بعض الأغاني الدرزية الشعبية والرقصات والدبكات المنسوبة للفلكلور الدرزي إلى التراث البدوي كرقصة “الجوفية” التي ترافقها أشعاراً مأخوذة من القبائل البدوية.

 كما أن الكثير من العازفين الدروز يتقنون آلة الربابة البدوية.

 وقال “الشوفاني” إن التركيبة العشائرية للبدو في محافظة السويداء وتوزعهم السكاني لم يتغير بعد 2011، كم أن الأحداث الدامية في سوريا لم تنعكس على تلك علاقات سكان المنطقة من الجانبين.

 “محاولات فتنة”

ونفى جواد البعيني (70عاماً)، وهو كاتب في التراث الشعبي والشأن المحلي لمحافظة السويداء، وجود إحصائية دقيقة لتعداد البدو في السويداء، لكنه قدر عددهم بحوالي عشرة آلاف.

وتعد القبائل البدوية متعددة الجذور والبطون في محافظة السويداء، منها من ينحدر من عشائر البقارة ومنهم من قبائل العنزي وقبائل المحاميد وعشائر القطيفان، وفقاً لما ذكره “البعيني”.

ويتشارك البدو والدروز أعراسهم وأتراحهم، إلى جانب مناسبات اجتماعية ودينية مختلفة.

ورأى الكاتب أن “بعض الأجهزة الأمنية حاولت تعكير العلاقة بين الدروز والبدو”، وذلك بهدف تسهيل بسط سيطرتها على المحافظة من خلال لعب دور المحكم بين الجانبين.

وشهدت محافظة السويداء عام 2000 صدامات حادة ما بين البدو والدروز، تطورت إلى معارك متفرقة أسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى من الجانبين، وذلك إثر مقتل مزارع درزي على أيدي بعض أبناء العشائر.

لكن “البعيني” شدد على أن “أصحاب النفوس الضعيفة من كلي الطرفين البدوي والدرزي لم يستطيعوا شق الصف بينهما في المحافظة التي استخدمت الأجهزة الأمنية الأفراد فيها كأدوات لها.”

إعداد: سامي العلي- تحرير: سوزدار محمد