كوباني: مهجرون من سري كانيه وتل أبيض يستذكرون اللحظات الأولى للاجتياح التركي
كوباني – نورث برس
لا تزال اللحظات الأولى من الحرب التي شنّتها تركيا وفصائل المعارضة المسلّحة التابعة لها على سري كانيه (رأس العين) وتل أبيض قبل عامٍ ماثلةً أمام أعين مُهَجّرين من المنطقتين نزحوا إلى كوباني وريفها.
يتذكر بعضهم الغارات الأولى للطائرات التركية في سماء المنطقة وكيف عايشوا تلك الضربات التي أجبرتهم على الفرار وترك منازلهم وأملاكهم خلفهم.
وقال علي سنجار (48 عاماً)، وهو مُهَجَّرٌ من قرية سوسك غرب تل أبيض، إن قريته تعرضت للقصف بحدود الساعة الرابعة من مساء يوم التاسع من شهر تشرين الأول/أكتوبر 2019.
“بدأ المخفر التركي بقصف المدنيين من التلة المقابلة للقرية، فاضطر جميع السكان للنزوح منها، حيث تبعد قريتنا عن الحدود التركية مسافة /400/ متر فقط.”
ويتحسّر “سنجار” على ما آل إليه حال سري كانيه وتل أبيض وريفهما بالقول: “تركيا حوّلتها من منطقة آمنة إلى منطقة حرب وعمليتها نبع السلام أصبحت نبع الشر.”
وأوضح أنه خرج من القرية رفقة أفراد عائلته تاركاً خلفه ممتلكاته وأرزاقه، وأن المسلّحين التابعين لتركيا نهبوا كلّ ما كان يمتلكه.
“حتى أبواب المنازل تم خلعها، ويقومون الآن بزراعة أراضينا وجني محاصيلنا.”
بدوره، يستذكر محمد صالح (52 عاماً)، وهو مُهَجَّرٌ من سري كانيه، اليوم الأول لاشتداد القصف، “حيث خرجنا من المدينة بشكلٍ فوري بعد أن قامت تركيا بقصفها بالطائرات.”
وقال إنهم اضطروا للنوم في العراء لثلاثة أيام حتى وصلوا إلى الرقة، “ومن الرقة اتجهنا إلى عين عيسى التي رقدنا بها ليلة واحدة لنستيقظ صباحاً على صوت قصف الطائرات للمخيم القريب من البلدة.”
وأشار إلى أنه كان يملك حفارة آبار ومنزلاً في مدينته، “ولكن لم يبق لي شيء الآن، لأني تركت خلفي المنزل والحفّارة بعد أن هُجّرت من المدينة.”
وقال الرجل الخمسيني، الذي يعاني من فقدان إحدى ساقيه، إنه لن يعود لمنزله طالما بقيت تركيا ومسلّحوها من الفصائل في المنطقة، “لأن تركيا تساهم بخلق الفوضى وعدم الاستقرار في كامل المنطقة.”
وأشار إلى أن وضعهم المعيشي كان جيداً ولكنهم تركوا كل ما يملكونه خلفهم، ويعيشون حالياً في منزل مستأجر دون أن يلقوا اهتماماً من أيّ جهة، “نعتمد على سواعدنا في تأمين لقمة عيشنا.”
من جهته، قال علي عبدو عيسى (70 عاماً)، من مٌهَجَّري قرية حجازية بريف تل أبيض، إنه هُجّر من قريته التي ولد فيها.
وأضاف: “فجأة رأينا الطائرات تقصف المنطقة والدبابات تتقدم باتجاهنا، نزحنا كي ننقذ أرواحنا، وبتنا في العراء عدة أيام.”
وقال المسنُّ إن فصائل المعارضة المسلّحة استولت على أراضي سكان القرية وتقوم بزراعتها بعد أن نهبت ممتلكاتهم.
وأضاف أنهم يحلمون كل يومٍ بالعودة إلى قريتهم وأرضهم وأملاكهم، وأنهم يطالبون بخروج القوات التركية ومسلّحي المعارضة التابعة لها وتقديم ضمانات دولية “كي لا يتكرر التهجير مرةً أخرى.”
وشدد على أنه لا يستطيع العودة حالياً إلى قريته خوفاً من الفصائل المسلّحة التي تمارس الانتهاكات وتقتل السكان وتختطفهم وتطالب بالفِدى، بحسب قوله.