نينوى وبابلونيا.. مقاتلتان سريانية وآشورية على خطوط الجبهات في تل تمر
تل تمر – شربل حنو/ ريم شمعون – نورث برس
تحمل نينوى ديلان، الفتاة السريانية ذات العشرين ربيعاً من مدينة الحسكة، ورفيقتها في السلاح بابيلونيا دافيد، والتي تبلغ /21/ عاماً من قرية تل سكري الآشورية، سلاحيهما بعناية مرتديتين الزي العسكري، وتقفان على الساتر الترابي لأكاديمية تل نجمة في ريف بلدة تل تمر لمراقبة محيط نقطتهما العسكرية.
انتسبت نينوى لقوات حماية نساء بيث نهرين (H.S.N.B) منذ تأسيسها في العام 2015 لمواجهة الأخطار التي تهدد السكان المسيحيين، لا سيما في وجه هجمات تنظيم داعش على القرى الآشورية التابعة لبلدة تل تمر قبيل صدها آنذاك من قبل قوات سوريا الديمقراطية.
تحمل ديلان سلاحها "الكلاشنكوف" وبصوتها الذي يبدو مفعماً بالقوة والإرادة تقول لـ"نورث برس"، "عندما تشكّلت قوات حماية نساء بيث نهرين، انضممنا إليها لحماية حضارتنا وأرضنا من كل خطر يهددها، ولا سيما خطر تنظيم داعش".
وأُسست قوات حماية نساء بيث نهرين عام 2015 أول أكاديمية للنساء السريانيات في قرية روتان بريف مدينة تربه سبيه، وكانت الأكاديمية تضم /60/ شابة وامرأة سريانية من مختلف الأعمار، وفي عام 2017 افتتحت أكاديمية أخرى في مدينة ديريك، لتتبعها ثالثة في قرية تل نجمة بريف بلدة تل تمر في منتصف عام 2018.
ورغم ممانعة عائلة نينوى انضمامها للحياة العسكرية، لكنها أرادت أن تُغيّر الصورة النمطية للفتاة السريانية التي كان نشاطها ينحصر بالعمل في مجال التعليم وفي المنزل، "إلى فتاة قوية تريد أن تدافع عن منطقتها و حضارتها".
وشاركت المقاتلات السريانيات بالحملة العسكرية لتحرير منطقة الهول من تنظيم "الدولة الإسلامية" وكذلك حملة الشدادي وحملة تحرير عاصمة التنظيم الرقة عام 2017، جنباً إلى جنب مع الرجال المقاتلين ضمن صفوف المجلس العسكري السرياني وقوات سوريا الديمقراطية.
خلال الفترة الماضية انشغلت ديلان ودافيد، مع رفيقاتهما في قوات حماية نساء بيث نهرين والمجلس العسكري السرياني، بصد هجمات القوات التركية وفصائل المعارضة المسلحة التابعة لها على المنطقة، لتكملن المهمة الآن لمساعدة السكان وحماية القرى الآشورية والمعالم الدينية والتاريخية في المنطقة في ظل القصف المتكرر عليها.
تقول ديلان "سأواصل نضالي وسأبقى أدافع عن المنطقة في وجه التهديدات والهجمات التركية، لن أسمح لأحد أن يمحو الوجود المسيحي في هذه المنطقة، سأدافع حتى آخر قطرة من دمي".
وتضيف مشيرة إلى دافيد ورفيقاتها الأخريات، "أتينا إلى هنا و نحن لا نعرف بعضنا البعض، جمعنا هدف واحد وهو حماية شعبنا السرياني الآشوري الكلداني وكل شعوب المنطقة، ولنشارك الرجال في المهام القتالية".
وكان حزب الاتحاد السرياني والاتحاد النسائي السرياني قد حذرا في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، في بيانات ومؤتمرات صحفية، من تكرار مجازر تاريخية ضد السكان المسيحيين خلال هجمات القوات التركية والفصائل الموالية لها على منطقتي رأس العين/ سري كانيه وتل أبيض.
ولا يختلف رأي بابلونيا دافيد ، التي انضمت إلى قوات حماية نساء بيث نهرين منذ ثلاث سنوات، عن رأي نينوى رفيقتها في السلاح، فهي كانت الفتاة الكبرى في أسرتها، وتصف المنزل بأنه سجن نمطي لا تستطيع الفتاة فيه التعبير عن شخصيتها، كون العادات والتقاليد تسيطر على الفتاة في القرى.
وترى دافيد في حملها للسلاح والقتال لحماية ممن بقوا من المسيحيين في المنطقة هدفاً سامياً تسعى إليه، "منذ انضمامي للقوات العسكرية زادت شخصيتي قوة وإرادة، أصبح لي هدف أريد تحقيقه ألا وهو الدفاع عن شعبنا وحمايتهم من الهجمات".
لم يكن يخطر لديلان ودافيد والعشرات من المقاتلات السريانيات والآشوريات أنهن سيتواجدن يوماً على خطوط الجبهات لرد الخطر عن قراهم، لكن مخاطر تكرار مجازر تاريخية ارتكبت بحق السريان والمسيحيين كمجازر الأرمن والسيفو، دفعهن لذلك.