كوباني- نورث برس
تشتهر منطقة كوباني، شمالي سوريا، بمهنة حفر الآبار الارتوازية التي دخلت المنطقة قبل أكثر من أربعين عاماً، حيث كان العاملون يجوبون كل المدن السورية لحفر الآبار وتأمين المياه لسكانها، بالإضافة لعمل بعضهم في صناعتها.
وكان عدد من العمال من منطقة كوباني قد اتجهوا رفقة حفاراتهم خلال تسعينيات من القرن الماضي إلى خارج سوريا للعمل في هذه المهنة، فوصلوا لبلاد المغرب العربي ومصر والسودان ولبنان والعراق وتركيا وإيران وموريتانيا.
وقال محمود كنجو (60 عاماً)، وهو صانع حفارات في مدينة كوباني، إنه بدأ العمل في مهنة حفر الآبار عام 1976 وبدأ بصناعتها عام 1988.
وأضاف لنورث برس: “استمر عملنا في مهنة صناعة الحفارات حتى بداية الأزمة السورية، ثم توقف بسبب الحرب.”
وبحسب العاملين في مهنة حفر الآبار فإن نحو/50/ إلى /60/ بالمئة من سكان كوباني وريفها يعرفون أو يعملون في مهنة حفر الآبار.
وقال عيسى كالو (36 عاماً)، وهو من سكان قرية شيران شرق كوباني، إنه يعمل حالياً في حفر آبار ببلدة صرين جنوب كوباني.
ويحفر “كالو” البئر بسعر /4500/ ليرة سورية للمتر الواحد، “ورغم أن المبلغ قليل إلا أنني مضطر للعمل كي أؤمن قوت العائلة.”
ولفت الشاب الذي يعمل في مهنة حفر الآبار منذ /13/ عاماً، إلى أنهم يتفقون فيما بينهم على توزيع ساعات العمل على “ورديات” تتراوح بين أربع وست ساعات.
صعوبات ومخاطر
وفي بدايات العمل بمهنة حفر الآبار في كوباني، كان العمال يقومون بنصب الخيم بجانب الحفارة وينامون فيها ويعتمدون على الدراجات النارية لتلبية احتياجاتهم، بحسب “محمود كنجو.”
كما أن الحفارات كانت تُجرّ من مكان لآخر، ولكن تم بعدها وضع الحفارات على شاحنات لتسير بنفسها، وبدل الخيم أصبح لدى العمال غرف مسبقة الصنع (كرفانات).
وللمهنة مخاطر كثيرة، فقد يتعرض العامل لكسور في جسمه أو فقدان أحد يديه أو قدميه أو حتى فقدان حياته، بالإضافة إلى صعوبات تعترضهم بسبب الظروف الجوية المختلفة.
وأضاف الستيني “كنجو”: “كنا نعمل /24/ ساعة يومياً في فصل الشتاء والصيف، العمل على الحفارة والتعامل مع الحديد صعب.”
لكنه لفت إلى أن عمل الحفارات في الوقت نفسه “جيد ومربح مادياً.”
وبالرغم من مخاطر العمل، يصف عاملون المهنة بأنها “ممتعة”، فبفضل الحفارات زاروا جميع المدن السورية وعدة دول عربية كالسودان والمغرب والجزائر وليبيا وتركيا والعراق.
وأشار عاملون في مهنة حفر الآبار بكوباني إلى أن العمل في الخارج مربح أكثر من داخل البلاد.
صناعة الحفارات
وتعتبر قرية حلنج شرق كوباني، أكثر قرية اشتهرت في المنطقة بصناعة الحفارات، حيث أنها أول قرية بدأ عمالها المهنة، حتى أنهم الأكثر عدداً بين العاملين في المهنة خارج سوريا حتى الآن، بحسب سكان من المنطقة.
وذكر “كنجو” أن محمد أبو زر ومحمد عزيز، من سكان مدينة كوباني، قاما بصناعة أول حفارة صغيرة في ثمانينيات القرن الفائت.
وقال “كنجو” إن صناعة الحفارات بين عامي 1977و 1980 ” كانت تتم عند الأرمن في حلب.”
وأشار إلى أنهم كانوا يضطرون للانتظار ثلاثة أشهر في حلب لصنع حفارة واحدة، وأثناء ذلك تعلموا مهنة صناعتها، “ما ساعدنا على تعلمها سريعاً هو عملنا عليها ومعرفة القطع اللازمة.”
وكان “كنجو” قد قام في العام 1988 بصناعة أولى الحفارات الكبيرة في كوباني ثم استمر بصنع العشرات منها.
ووصلت محلات صناعة الحفارات في كوباني آنذاك إلى /27/ محلاً، بحسب عاملين في صناعتها.
وللحفارات محلية الصنع ثلاثة أحجام في كوباني، حفارات كبيرة ومتوسطة وصغيرة، وكل منها لديها إمكانيات حفر بأعماق مختلفة.
فالحفارات الصغيرة تحفر بين /75/ متر حتى /150/ متر فقط، بينما تحفر الكبيرة حتى /700/ متر.
وفي بداية صناعة حفارات في كوباني كانت أسعارها وتكلفتها قليلة، حيث كان يتراوح سعر صناعتها آنذاك ما بين /70/ و/80/ ألف ليرة.
وقال عاملون في مهنة صناعة الحفارات بكوباني إن سعر صناعة الحفارة في الوقت الحالي مرتفع ، “ولا يمكننا صناعة حفارة جديدة هنا بسبب تكلفتها الباهظة”.
ويتراوح سعر الحفارة المستعملة حالياً في كوباني ما بين /15/ مليوناً و/20/ مليون ليرة سورية.