إبراهيم الحسن.. خمسة عقود في مهنة تجبير الكسور بريف قامشلي

قامشلي- نورث برس

بمنزل متواضع في ريف بلدة جل آغا (الجوادية) بريف قامشلي، يبدأ إبراهيم الحسن (87عاماً) بغسل يد مكسورة لأحد الأشخاص بالماء وصابون الغار في آنية كبيرة.

 يقوم بعدها بلف يد المصاب، الذي قدم إلى منزله في قرية “خراب باجار”، بقطعة قماش مبلولة بالماء والطحين، ليثبّت الكسر أخيراً بعيدان خشبية.

أدوات بسيطة اعتاد “الحسن” على أن يستخدمها في مهنة التجبير منذ /64/ عاماً، مستغنياً في أغلب الأحيان عن الصور الشعاعية، ومعتمداً على خبرته الطويلة لتشخيص حالة الكسر.

وكان “المجبر” قد بدأ ممارسة مهنة التجبير العربي والتي فرضتها الحاجة قديماً لقلة الإمكانات الطبية منذ العام ١٩٥٦، “تعلمتها من أخوالي لأبدأ بمساعدة الناس آنذاك.”

ورغم ما يشهده القطاع الطبي من تطور وتقدم في التقنيات، لكن لا يزال سكان من المنطقة يلجؤون إلى “المجبر” لمعالجة كسورهم.

وأشار المعالج إلى أن عمله يتطلب الكثير من الدقة والمهارة، “فأن تعيد عظماً قد خرج من مكانه فهذا أمر أصعب.”

وقال إنه تمكن من تجبير كل الكسور التي وردته، “فكلها شفيت.”

ويتحدث “المجبر”، الذي بدأ ممارسة مهنته في عمر مبكر، اللغة الكردية إلى جانب لغته العربية، وذلك نتيجة الحالات التي ترده من كافة مناطق الجزيرة السورية.

وقال أيضاً: “أرافق أهل المرضى لبيوتهم أحياناً لأوفر عليهم العناء؛ لأن بعض المصابين لا يستطيعون التحرك فربما يؤذون أنفسهم.”

وقال “الحسن” إنه لا يشترط أجراً لمعالجة مصابيه، وإنه وصل إلى “الشام ومنبج ودير الزور لمساعدة أناس استنجدوا به.”

وأضاف أنه في بداية عمله لم يكن يعرف الصورة الشعاعية، لكن مع تقدم الأيام بات يستطيع قراءة وفهم الصورة الشعاعية لأيّ كسر، كما قد يطلب إعادة التصوير إن كانت غير جيدة.

ويعتذر “المجبر” عن معالجة الكسور التي تستوجب التدخل الجراحي من قبل أطباء مختصين، كحالات تفتت العظم أو خروجه عبر الجلد.

ويروي أحد جيران المجبر أنّه أخبر “جماعة لدّيهم مصاب بكسر في الحوض” عن مهارة المجبر.

يتذكر “الحسن”: ” جاؤوا وأخذوني فقمت بمعاينة الحالة وعندما عرفت أن باستطاعتي إرجاع العظم لمكانه، بدأت عملي.”

يضيف مبتسماً: ” كان المريض يصرخ: أريد الشام.”

لكن “المجبر” نجح، وانهالت الزغاريد وسال دم الذبيحة لفرحة أهل المريض وعياله، على حد قوله.

ويقصد عبدالله الأسعد (24عاماً)، وهو من سكان قرية خراب باجار، منزل المجبر ليتعلم هذه المهنة لأنّه مقتنع بها.

وقال: “كُسرت يدي ثلاث مرات، وكان تجبيرها على يد الحاج إبراهيم في كل مرة.”

لكن طبيب “عظمية”، طلب عدم نشر اسمه، قال إن تجبير الكسور بهذه الطريقة “عرف وتقليد أعمى ينجرف وراءه الناس دون التفكير بأبعاد الموضوع الطبية ظناً منهم أنّهم يوفرون المال.”

لكن الطبيب قال أيضاً إنه لا ينكر بالمطلق مهنة المجبر العربي ولا يتقبلها بالمطلق أيضاً.

إعداد: سلام الأحمد- تحرير: سوزدار محمد