نازحون بريف الرقة يتحسرون على ما آل إليه حالهم بعد سيطرة تركيا على منازلهم
الرقة – نورث برس
يستذكر نازحون من تل أبيض وسري كانيه (رأس العين) في مخيم تل السمن، /27/ كم شمال الرقة، هذه الأيام، اللحظات الأولى للحرب العام الفائت، والظروف التي أجبرتهم على ترك منازلهم وأرزاقهم.
ويحملُ كلُّ نازحٍ في مخيم تل السمن قصةً عن بيته وذكرياته في بلدته أو قريته التي تركها مجبراً وراءه، والبعض منهم لا يعرف عن بيته شيئاً منذ سيطرة القوات التركية وفصائل المعارضة المسلّحة التابعة لها على المنطقة.
ولم يكن الحاج علي حسو (73 عاماً)، وهو نازح من قرية وردة غرب تل أبيض، يتوقع أن تهجم تركيا على تل أبيض وقراها لأن تهديدات أردوغان كانت تتكرر بشكل دائم طوال السنوات الماضية.
كما جاءت الأنباء عبر وسائل الإعلام وكذلك تصريحات العسكريين في التحالف الدولي متضاربةً حول ما اذا كانت تركيا جادةً فعلاً بالقيام بعملية عسكرية في تل أبيض.
وقال “حسو”: “تفاجأنا العام الماضي في مثل هذه الأيام بدخول القوات التركية وفصائل من المعارضة السورية إلى قرانا.”
ولم يكن سكان قرى تل أبيض قد استعدوا للخروج كما حدث معهم سابقاً حين هجروا قراهم مع دخول عناصر تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في العام 2014.
ويبلغ عدد نازحي تل أبيض القاطنين في مخيم تل السمن أكثر من /3500/ شخص ضمن نحو /700/ عائلة، وتحصل العائلة في حال تجاوز عدد أفرادها ثمانية أشخاص على خيمتين، بحسب إدارة المخيم.
وقال محمد شيخ علي، الرئيس المشارك لمخيم تل السمن، إن الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا التي أنشأت المخيم بعد الهجوم التركي تعمل حالياً على توسعته بزيادة /500/ خيمة جديدة.
ويتحدر غالبية سكان المخيم من تل أبيض وقراها ومن ناحية سلوك ومن القرى الشمالية لعين عيسى، إضافةً لعائلات سورية نزحت من مناطق دخلها الجيش التركي، مثل رأس العين وإدلب وريفي حلب والرقة ودير الزور.
ويجدُ كبار السن من قاطني مخيم تل السمن متسعاً من الوقت للتحدث عن ذكرياتهم ومنازلهم، ويتهم قسم كبيرٌ منهم الدور الدولي بتسهيل عملية احتلال تركيا لتلك المناطق وتحوّل حالهم من الاستقرار إلى التهجير والسكن في المخيمات.
وقال محمود جاسم (58 عاماً)، وهو نازح من مدينة سري كانيه ويقيم في مخيم تل السمن، إنه لن ينسى يوم الأربعاء، التاسع من شهر تشرين الأول/ أكتوبر.
“تفاجأنا بقيام الأمريكيين، يوم الثلاثاء، بترحيل قواعدهم العسكرية المحيطة برأس العين ليبدأ قصف الطائرات في اليوم التالي.”
ولفت “جاسم” إلى أن زوجته زارت المنزل بعد سيطرة تركيا وفصائل المعارضة على المدينة، لتخبرهم بعد عودتها عن الدمار الذي حلَّ بالمدينة وحوادث الخطف والاعتقالات بحق من تبقى من أهلها.
“منذ ذلك الحين، لا نعرف ماذا حلَّ بمنزلنا.”
وتتكرر عل ألسنة مُهَجَّرين من منطقتي سري كانيه وتل أبيض مسألة الطيران التركي والضوء الأخضر الدولي، لا سيما من القوات الأمريكية.
ويقول هؤلاء إن سري كانيه شهدت هجمات لتنظيمات متطرفة سابقاً، ولكنها لم تتمكن من الدخول للمدينة لأنها لم تكن تملك طائرات ولم تنل غطاءً دولياً.
ويفتقد محمود جاسم منزله وأرضه وجيرانه من الكرد والأرمن والمسيحيين والشيشان في سري كانيه.
“كنّا أخوةً جميعاً وتربطنا علاقات مصاهرة وجيرة وعمل، لا أحد يعامل الآخر ككردي أو عربي ولا باعتباره مسيحياً أو مسلماً.”
كما يتحسّر على أوضاع أبناء منطقته المُهَجَّرين في المخيمات ومراكز الإيواء.
“كنا نعيش من تعبنا ومن أرضنا التي نزرعها بالقطن والعدس والكمون والشعير.. اليوم أصبحنا لاجئين ننتظر المنظمة لتقدّم لنا كيس رز أو عدس.”