“استوطن الغرباء بمنزلي ويبست أشجاري”.. مسنة من عفرين تواجه التهجير بزراعة الأزهار والأشجار

ريف حلب الشمالي – نورث برس

على باب خيمتها في مخيم سَردَم بريف حلب الشمالي، تجلس فاطمة بكو (74 عاماً) والمُهَجَّرة من عفرين، شمال غربي سوريا، برفقة عكازتها وحولها شجيرات وأزهار زرعتها للترويح عن نفسها.

وتقضي “بكو” جُلَّ وقتها بين الشجيرات والأزهار، تارةً تقوم بسقايتها، وتارةً بإزالة الأعشاب الضارة من حولها.

وتقول لنورث برس: “زرعت الأزهار حول خيمتي لأخفف عن نفسي مرارة التهجير، نحن أناس مزارعون.”

وتضيف وهي تحبس دموعها: “نحن كبار السن تضيق بنا الدنيا في هذه المخيمات، اعتدنا سابقاً الجلوس بين أشجار الزيتون، وكنّا بأفضل حال في منازلنا.”

وتسبب الهجوم التركي على عفرين في الـ/20/ من كانون الثاني/ يناير عام 2018، بتهجير أكثر من /300/ ألف شخص، وفق إحصائية منظمة حقوق الإنسان في عفرين.

ولجأ عدد من المُهَجَّرين إلى منازل شبه مدمّرة في /42/ قرية بريف حلب الشمالي، فيما لجأ القسم الأكبر من المهجرين للسكن في مخيمات سَردَم، وبَرخودان، وعفرين، والعودة، والشهباء بريف حلب الشمالي.

وعملت “بكو” لأكثر من /50/ عاماً بالزراعة في قريتها “جلمة” التابعة لناحية جنديرس بمنطقة عفرين، “كنا نقوم بإزالة الحجارة لنزرع مكانها أشجار الزيتون ونقتلع الصخور لزراعة الرمان والجوز واللوز والتفاح.”

وقام مُهَجَّرو منطقة عفرين في مخيم سَردَم بزراعة شارع كامل في المخيم بالزهور والأشجار، أطلقوا عليه اسم “شارع الزهور.”

فيما قامت كل عائلة مُهَجَّرة من عفرين بزراعة زهور وورود حول خيمتها، “رائحة الجنة تفوح من هذا المكان، حوّلنا هذه الأرض القاحلة إلى أرض خضراء.”

وتعود “بكو” بذاكرتها إلى مرحلة شبابها وكيف كانت تقوم بحصاد القمح والشعير والعدس بطرق بدائية، وتقول بتحسّر: “كان أهل القرية يتساعدون في موسم الحصاد.”

وتنتقد المُهَجَّرة الصمت الدولي وغياب الموقف الأميركي والروسي تجاه تهجير سكان عفرين من منازلهم.

وتتساءل: “ألا يرون حالنا في هذه المخيمات؟ كيف لهم بأن يقبلوا بكل هذا الظلم؟ هل يقبلون أن يعيش شعبهم في المخيمات؟”

ولم يبقَ منزل المسنّة الإيزيدية على حاله، بعد سيطرة القوات التركية والفصائل الموالية على المنطقة.

وتقول عن ذلك: “استوطن في منزلي أناس غرباء لا أعرفهم، سرقوا الأثاث ودراجتين ناريتين وغطاس المياه، لقد يبست الزهور والأشجار في منزلي.”

لكنها تؤمن بمقدرتها رغم كِبر سنها على صيانة المنزل من جديد، “عفرين شامخة، وحين أعود ولو بقي التراب والحجر فقط، سأعيده كما كان.”

إعداد: دجلة خليل – تحرير: سوزدار محمد