مخلفات الحرب.. قنابل موقوتة تهدد حياة المدنيين في إدلب

إدلب – نورث برس

لم تنسَ عائشة لحظة مقتل طفلها الصغير أمام ناظريها وهي تصرخ لإنقاذه من قنبلة كان يلعب بها على أطراف محافظة إدلب شمال غربي سوريا.

كان ذلك قبل أشهر، عندما اصطحبت عائشة الخديجة (37عاماً) طفلها ذي الخمسة أعوام معها، لجني ثمار الزيتون على أطراف مدينة معرة النعمان جنوبي إدلب.

تتذكر أنها صرخت عندما رأته يحمل قنبلة كان قد وجدها بين الصخور قبل أن يلقيها وتنفجر به.

ولا تعتبر مأساة عائشة الوحيدة إذ تسببت مخلفات الحرب الدائرة منذ سنوات في منطقة خفض التصعيد شمالي البلاد بمقتل العديد من المدنيين جلّهم من الأطفال.

وتروي عائشة بألم ما تعتبره “أقسى لحظات عمرها”  لنورث برس: “كنت أصرخ ليتركها، فألقاها على الأرض بجانبه وانفجرت ليفارق الحياة على الفور.”

وشهدت المنطقة في شباط/فبراير الماضي معارك عنيفة بين فصائل المعارضة وقوات الحكومة السورية، انتهت بسيطرة الأخيرة على مدينة معرة النعمان وبلدات أخرى.

ووثق ناشطون خلال الفترة الماضية انتشار واسع لمخلفات الحرب بين الأراضي الزراعية من قذائف مدفعية وقنابل يدوية وقذائف هاون وذخائر وصواريخ وألغام.

وعاش يوسف الشحود (33 عاماً) موقف مماثلاً بعد عودته مع أسرته إلى بلدة إحسم الواقعة في منطقة جبل الزاوية بعد فترة طويلة من النزوح.

ويقول إن لغماً أرضياً أنفجر بين أغنامه أثناء رعيها في أراضٍ قرب البلدة، ما أدى إلى نفوق عددٍ منها، الأمر الذي دفعه إلى الابتعاد عن الرعي هناك.

ويضيف الشحود:”هناك حاجة لتوعية السكان حول مخلفات الحرب والتركيز على فئة الأطفال باعتبارهم الشريحة الأكثر تضرراً.”

ففي التاسع من حزيران/يونيو الماضي، قتل ثلاثة أطفال في حديقة منزلٍ بمدينة إدلب جراء انفجار “قنبلة عنقودية” بهم، يرجّح أنها من مخلفات الغارات الجوية الروسية.

وفي الخامس من تموز/يوليو الفائت، قتل طفل في انفجار لغم أرضي على أطراف بلدة البارة جنوبي مدينة إدلب.

كما لقي ثلاثة مدنيين بينهم طفل حتفهم، في الـ /20/ من آب/أغسطس الماضي، بانفجار لغم أرضي أثناء عملهم في جني محصول التين بأراضٍ زراعية بين مدينة كفرنبل وبلدة كنصفرة.

ويقول أيمن العدنان (41عاماً) وهو اسم مستعار لأحد عناصر الدفاع المدني بإدلب إن القنابل العنقودية التي خلّفها قصف الحكومة السورية هي الأشد خطراً.

فمع بداية أيلول/سبتمبر أصيب مدنيٌ بجروحٍ خطيرة أدت إلى بتر أحد أطرافه، نتيجة انفجار لغم من مخلفات الحرب في أراضٍ زراعية بمنطقة جبل الزاوية.

ويضيف “العدنان” لنورث برس وهو يعمل في مجال إزالة الذخائر غير المنفجرة: “الأراضي الزراعية ومكبّات النفايات والمناطق الصخرية من أكثر المناطق خطورة.”

وتشكل عودة النازحين إلى مناطقهم بعد توقف القصف جنوبي إدلب أيضاً خطراً كبيراً على حياتهم، في ضوء غياب حملات التوعية حول كيفية التعامل مع مخلفات الحرب.

وتنصح المنظمات المتخصصة في إزالة الألغام، بعدم الاقتراب من أي جسم مشبوه ولافت للنظر أو العبث به، وعدم تعريضها للحرارة أو إشعالها بالنار.

وتشهد منطقة خفض التصعيد مؤخراً، خروقاتٍ متكررة من جانب الحكومة السورية وفصائل المعارضة رغم اتفاق وقف إطلاق النار المبرم بين روسيا وتركيا في آذار/مارس الماضي.

إعداد: حلا الشيخ أحمد – تحرير: هوكر العبدو