استعداداً للشتاء.. طقوس ترميم المنازل الطينية بريف ديرك
ديرك – نورث برس
مع حلول الخريف، بدأ رجالٌ ونساءٌ قرويين قرب بلدة جل آغا (الجوادية) بريف ديرك، شمال شرقي سوريا، ينشغلون بصيانة بيوتهم الطينية القديمة لاستقبال فصل الشتاء وأمطاره الغزيرة.
يقول علي الفارس، وهو من سكان قرية باقلا، إن شبان وشابات القرية يجتمعون معاً للتعاون في أعمال الخريف من تحضير للطين وجمعٍ للقش، “فالشتاء على الأبواب.”
ويبدو أن لأعمال فصل الخريف طقوسها بالنسبة لأبناء الريف كما يفصح “الفارس”، حيث ترى الرجال والنساء في مثل هذا الوقت من كل عام يمدون يد العون لبعضهم البعض.
ولا تغيب الموسيقا الحماسية الصاخبة عن بيئة العمل، وإن لم تتوفر عبر الأجهزة يتولى العمال ترديدها لإثارة النشاط في النفوس، بينما تستمر أباريق الشاي المتوالية كل استراحة.
ويقوم القرويون في البداية بقشع الطين الناشف والقديم فوق أسطح البيوت، بينما تخرج نساء قبيل شروق الشمس لجمع القش، ويقمن بتكديسه في أكوامٍ صغيرة ثم جمعها في كومة واحدة ونقلها بواسطة سيارة إلى المنزل.
وقالت سعدة الخلف (40 عاماً)، وهي من سكان ريف جل آغا، إن كميات القش التي تجمعها مع الأخريات “لا تستعمل لدعم الأسطح فحسب، بل نقوم بدرسه لنحصل على الأعلاف لمواشينا.”
وبعد تحضير التبن، تبدأ عملية تجهيز الطين (أو الجبلة كما يُقال محلياً)، عبر نقع التراب ليومٍ كامل مع الماء عقب خلطه بالتبن، ما يساعد في تماسك الطين وعدم تشققه بعد التطيين.
ويتقاسم مشاركون في العمل الأدوار فيما بينهم، فيعمل أحدهم بعجن الطين جيداً بقدميه، وتقليبه بالمجرفة، بينما يقوم آخرٌ بتعبئته في سطول مخصصة للوحل ورفعها إلى سطح المنزل.
وعلى السطح، هناك دائماً شخصٌ ذو خبرة في صيانة هذه المنازل، يقوم بتطيين السطح الترابي وتعديله وتمليسه، وعند الانتهاء يقوم برش الملح فوق السطح، لمنع إنبات الحشائش والأعشاب التي ستفسد التراب الصقيل.
وبلهجة ريفية بسيطة، قالت عدلة المحمد (45 عاماً)، إنها تفضل البيوت الطينية الدافئة خلال برد الشتاء والمعتدلة خلال حرّ الصيف.
وأضافت لنورث برس: “التدهور الاقتصادي الحالي يدفع السكان للعودة إلى البيوت الطينية، نظراً للتكاليف الباهظة للبناء الإسمنتي وارتفاع أسعار مواد البناء.”
وفي جانبٍ آخر، يعمل أسعد الأحمد من قرية شبك، غرب بلدة جل آغا، في صناعة كتل اللبن التي تبنى بها هذه المنازل “يمكنني قطع /600/ لبنة في اليوم إذا ما طلب مني.”
وأضاف: ” يحتاج هذا العمل لمهارة وحرفية شأنها شأن أيّ حرفةٍ أخرى، حيث تتطلب نفساً طويلاً ودقة في العمل.”
وما إن تجف اللبنات حتى يتم “تبريجها” أي جمعها مصفوفة في مكانٍ محدّد بشكل منتظم يشبه البرج، لاستخدامها في بناء غرفة جديدة دافئة شتاء ومعتدلة صيفاً.