إدلب- نورث برس
بعد ساعات طويلة من العمل، تتلهف أم عدنان (29 عاماً)، وهو اسم مستعار لنازحة من مدينة معرة النعمان إلى إدلب، شمال غربي سوريا، للوصول إلى المنزل حيث تركت أبناءها وحدهم طيلة اليوم.
وتضطر نساء في مناطق إدلب للعمل وسط ظروف اجتماعية وعملية قاسية، لكن تدهور الوضع المعيشي وغياب المعيل بسبب الحرب والنزوح يجبرهن على تحمل تلك الصعوبات.
فبعد سنوات من الحرب التي خلفت العديد من اليتامى والأرامل، تتحمل نساء كثيرات في إدلب ومناطق سورية أخرى مسؤولية رعاية أطفالهن والإنفاق عليهم.
وذلك رغم عدم توفر فرص عمل مناسبة بسبب التقاليد الاجتماعية التي لا تزال ترفض عمل المرأة في قطاعات عمل كثيرة.
وتضطر “أم عدنان”، لترك ثلاثة من أطفالها (تتراوح أعمارهم بين عامين وعشرة أعوام) للعمل في الأعمال الزراعية، بعد إصابة زوجها إثر غارة حربية وسفره رفقة ابنهما الأكبر إلى تركيا للعلاج.
تقول “أم عدنان”: “رغم حصولي على شهادة الثانوية العامة، لم أتمكن من الحصول على فرصة عمل ضمن المنظمات الإنسانية التي تخضع وظائفها عادة للمحسوبيات والوساطات.”
وتضيف أنها تعمل في الأراضي الزراعية “بأجر زهيد رغم التعب والإرهاق.”
وتضطر “أم عدنان” ومعيلات أخريات لا يكفي دخلهن لاحتياجات أبنائهن لطلب المساعدات الإغاثية من المنظمات، لكن هذا الخيار أيضاً “لا يكفي”، بحسب قولهن.
كما تعاني بعض النساء العاملات من التحرش والاستغلال من قبل أرباب العمل، ما يجبرهن على ترك العمل حتى لو لم تتوفر فرص أخرى مناسبة.
وقالت سحر محمد (31عاماً)، وهي من سكان مدينة إدلب، إن “مضايقات من قبل صاحب المشغل” دفعتها منذ ستة أشهر لترك العمل في محل لبيع الملابس الجاهزة.
” بدأ يضايقني بنظراته وكلامه، مما دفعني للبحث عن مصدر كسب آخر.”
وأضافت أنها اضطرت للعمل بعد وفاة زوجها، لكن تلك المضايقات جعلتها تترك العمل رغم حاجة أسرتها إلى المال الذي كانت تجنيه.
ولا تزال “محمد” تبحث عن فرصة عمل مناسبة، لكن الأمر لا يبدو سهلاً حسب ما لمسته خلال أشهر من البحث.
وتقول نساء إن التهميش والنظرة الدونية من قبل البعض للمرأة يدفعهم لمحاربة نجاحها بوضع صعوبات في طريقها.
ورغم أن الكثير من النساء في سوريا اضطررن للعمل في أعمال شاقة، لا تحظى معظم النساء اللواتي فقدن المعيل بفرصة عمل، ما دفع بعضهن لمحاولة تعلّم مهن جديدة وأعمال يدوية بسيطة.
وقالت عائشة الحمود (30عاماً)، وهي نازحة من مدينة سراقب تقيم في مخيمات سرمدا الحدودية، إنها تحتاج لتعلم مهنة حتى تتمكن من العمل بعد سنوات من اعتقال زوجها على يد القوات الحكومية.
تقول لنورث برس: “تربينا منذ الطفولة لنكون مستقبلاً مجرد زوجات، فلم نتلق خبرات عملية ولم نهتم بالمؤهلات العملية.”
وتعتمد الأم وأولادها الأربعة على المساعدات الإغاثية، والراتب المتقطع الذي يقدمه أهل زوجها بين الحين والآخر .
تعود عائشة للوم المجتمع الذي منعها سابقاً من “خوض غمار الحياة لنكون قادرات على إعالة أنفسنا.”
وترتاد عائشة حالياً مركزاً لتمكين النساء لتعلم مهنة الخياطة والتطريز، وتأمل أن تتغير حياتها بعد تعلم المهنة.