برلين – NPA
أشار مسؤولون كبار في حزب الشعب الأوروبي (يمين الوسط) الذي يتصدر أكبر الكتل البرلمانية في الاتحاد الأوروبي بأن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مصمم على خوض سباق شرس ضد كتلتهم البرلمانية من أجل اختيار مرشح لرئيس المفوضية الأوروبية القادمة.
وقال المسؤولون في الحزب بإن المحافظين الأوروبيين يشعرون بالغضب، لأن ماكرون منع مرشحهم مانفريد فيبر من منصب رئاسة اللجنة الأوربية في القمة التي انعقدت الأسبوع الماضي في بروكسل، ويشتبهون بأنه يسعى إلى تقويض دورهم على الرغم من أنهم نالوا أكبر عدداً من المقاعد في البرلمان الأوروبي.
وتعتبر صلاحيات اختيار مرشح الرئيس التالي للمدير التنفيذي للاتحاد الأوروبي، مسؤولية قادة الدول الـ/ 28/ في الاتحاد الاوروبي، لكنهم بحاجة إلى العثور على مرشح توافقي، يمكنه الفوز بدعم البرلمان من أجل تولي المنصب.
وشهدت الانتخابات الأوروبية في الشهر الماضي تقليص نفوذ أكبر كتلتين تقليديتين في الاتحاد الأوروبي، وهما حزب الشعب الأوروبي (يمين الوسط)، والاشتراكيين الديمقراطيين (يسار الوسط)، الأمر الذي دفع حاجة وجود ثلاثة أحزاب على الأقل لتثبيت رئيس اللجنة، ونظراً أن ماكرون يساند القائمة الليبرالية، ويقف بالضد من المرشح الألماني مانفريد فيبر الذي ينتمي إلى يمين الوسط في البرلمان، يقضي الأمر إلى تدهور العلاقات بين فرنسا وألمانيا.
وتشير المعطيات بأن حلول الوسط المقترحة لا تنال المساندة من قبل الطرفين، وخاصة قبل القمة المقررة عقدها يوم الأحد القادم، وقد يؤدي ذلك إلى مزيد من التأخير في تسمية مسؤولين آخرين بالاتحاد الأوروبي، بما في ذلك خليفة ماريو دراجي رئيس البنك المركزي الأوروبي.
وقال المرشح الألماني مانفريد فيبر لصحيفة “إلبايس” الإسبانية” حتى الآن لم نر سوى مقترحات مدمرة” مضيفاً ” نجازف بدخول فترة إدارة الأزمات، آمل ألا يخاطر أحد بذلك”.
حزب الشعب الأوروبي، الذي خسر مقاعد في الانتخابات الأوروبية في أيار/مايو الماضي، لا يزال يبرز كأكبر حزب، ويطالب بجائزته لرئاسة المفوضية، ويهدد بالتصويت ضد كل المرشحين البديلين.
ويقول المسؤولون الفرنسيون إنهم لا يعتزمون تقديم مرشحهم الخاص في هذه المرحلة، لأنهم يدركون أنه لن يؤدي إلى كسب الموافقة من قبل حزب الشعب الأوروبي، لا سيما أن هذا التكتل الحزبي في البرلمان ينظر إلى تكتيكات ماكرون كنوع من تقويض تفوق الحزب في السياسية الأوروبية، حيث كانت تعليقات ماكرون الساخرة ضد رئيس البنك المركزي الألماني ينس ويدمان بمثابة دليل آخر على عدم تثقهم بالرئيس الفرنسي.
وأشار الديمقراطيون المسيحيون الألمان، أكبر مجموعة داخل حزب الشعب الأوروبي، يوم الاثنين على أنهم متمسكون بـ فيبر كمرشح لهم. ومع ذلك، أوضحت المستشارة أنجيلا ميركل، الأسبوع الماضي بأن حظوظ مانفريد فيبر ضئيلة في ظل الاستقطاب الحاد في البرلمان بين التكتلات المنافسة، قائلة في القمة في بروكسل: ” في الوقت الحالي، لا أرى أي شيء قد يتغير في هذا المنحى”.
وتنحصر التنافس على زعامة المفوضية الأوروبية بين المرشح الرئيس هو مانفريد فيبر، عضو البرلمان الأوروبي البافاري الذي قاد حملة الانتخابات الأوروبية الأخيرة لحزب الشعب الأوروبي من يمين الوسط، وفرانس تيمرمانس مرشح الاشتراكيين، ومارجريت فيستاجر مرشحة الليبراليين لديهما أيضا فرصة لتولي المنصب.
وتقول المصادر الفرنسية إن موقف ماكرون هو مجرد انعكاس لتراجع نفوذ حزب الشعب الأوروبي بعد نتيجة الانتخابات، وقد شن ماكرون في مأدبة عشاء لقادة الاتحاد الأوروبي الشهر الماضي، هجمات شبه مكشوفة على فيبر لعدم وجود خبرة تنفيذية لديه.
وقال ماكرون للصحفيين في قمة الأسبوع الماضي :” لقد تم إيقاف العملية لأن التكتلات السياسية في البرلمان اعتبرت أن التوافقات الأولية تمنحهم بعض الحقوق من أجل اختيار المرشح لمنصب المفوضية الأوروبية، وبناء على ذلك جرى تأجيل الجلسة إلى وقت آخر”.
النزاعات الفرنسية الألمانية اندلعت بطريقة كان من الممكن أن تكون في السابق غير عادية، إن لم يكُن من غير الممكن تصديقها؛ حول ما إذا كان ينبغي منح بريطانيا تمديدا لـ”البريكست”؛ وحول إطلاق محادثات الاتحاد الأوروبي التجارية مع الولايات المتحدة، التي قاومها ماكرون بسبب رفض الرئيس دونالد ترامب لاتفاق باريس للمناخ؛ وحول خطة فرنسية لموازنة مشتركة كبيرة لمنطقة اليورو؛ وحول قيود ألمانية على صادرات أسلحة مشتركة الإنتاج؛ وأخيرا حول ترشيح فيبر لرئاسة المفوضية.