بروكسل – NPA
وصفت وسائل الإعلام الأوروبية حيثيات العملية التي دارات بشكل سري في البرلمان الأوروبي أول أمس بغية اختيار رئيس مفوضية الاتحاد الأوروبي بالـ” ميتة”، وكان من المتوقع أن يقوم قادة الاتحاد الأوروبي بموجب هذه المداولات باختيار “المرشح الرئيسي” لأكبر مجموعة برلمانية رئيسًا للمفوضية الأوروبية، وهي السلطة التنفيذية للاتحاد الأوروبي، غير أن الخلافات التي دارت حول مرشح مقبول يحظى بالتوافق بين الأطراف والكتل المتصارعة حال دون تحقيق ذلك.
وتحتدم المنافسة بين مركزي القوى، برلين وباريس، بشأن من يحق له تولي قيادة المفوضية، وفي الوقت الذي زكت فيه المستشارة الألمانية ميركل مواطنها مانفريد ويبر نائب رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، قاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حملة لعرقلة ترشح ويبر لافتقاره خبرة العمل الحكومي.
وكشفت كواليس المؤتمر الذي انعقد في بروكسل بين قادة الاتحاد الأوروبي عن مدى الهشاشة والفوضى التي اجتاحت مواقف قادة الاتحاد الأوروبي، وأرجع الخبراء مسببات تلك الفوضى التي بدأت بالفعل في هلسنكي في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، عندما اختار حزب الشعب الأوروبي، التجمع الرئيسي في يمين الوسط، وهو الآن أكبر قوة في البرلمان، مانفريد ويبر كمرشح رئيسي له.
وتتالت انتقادات حادة ضد المرشح الألماني مانفريد الذي يحظى بالدعم المستشارة الألمانية انغيلا ميركل ويفترض أن يخلف الرئيس الحالي جان كلود يانكر، وذلك بسبب افتقاره إلى الكاريزما الإعلامية، وعدم امتلاكه الخبرة التنفيذية، علاوة على علاقاته مع الرئيس المجري المتشدد فيكتور اوربان الذي يتزعم قيادة اليمين في المجر.
ويقود الرئيس الفرنسي حملة شرسة ضد المرشح الالماني نتيجة لتلك العوامل السلبية، ومن أجل ذلك، سارع الرئيس الفرنسي بالتشكيك بشرعية مانفريد لتولي حقيبة القيادة المفوضية قبل انعقاد المؤتمر، وقد أعلن زعماء المجموعة الثانية والثالثة في البرلمان الاوروبي، وهم الاشتراكيين الديمقراطيين وتحالف الليبراليين الديمقراطيين، بأنهم لن يدعموا المرشح الألماني، مما قلص حظوظ المرشح الألماني بصورة كبيرة، حيث يحتاج رئيس اللجنة القادمة إلى دعم غالبية البرلمان الأوروبي.
المستشارة الألمانية، بدورها حاولت إيجاد حل لهذا المأزق عبر طرحها بضرورة استبعاد جميع المرشحين من الكتل البرلمانية المنافسة كي تمهد الطريق لمرشح الكتلة الأغلبية في البرلمان بحكم الأمر الواقع، بيد أن هذه المقاربة أثارت حفيظة أطراف أخرى داخل البرلمان، حيث رفضوا بصورة قاطعة اقتراح المستشارة الألمانية، ووصف رئيس الوزراء الهولندي مارك روته هذا الموقف بأنه غير معقول، في الوقت الذي خرج ماكرون مع بعض القادة الأوروبية من قاعة المؤتمر دون انجاز التوافق والإجماع حول المرشح الألماني.
وعلى الرغم أن حظوظ مانفريد لا تزال قائمة، إلا أنّ انغيلا ميركل قد تتراجع عن دعم المرشح الالماني، معترفةً بأن الزعماء بحاجة لإيجاد مرشح يكون قادراً على قيادة الأغلبية الواسعة الضرورية، حيث أكدت ميركل: ” لا نريد تحت أي ظرف من الظروف خلق أزمة مع البرلمان”.
ومن المتوقع أن تستقبل المستشارة الألمانية شخصيات بديلة كي تنظر في فرصهم لتولي قيادة المفوضية الاوروبية في القادم الأيام، وأحد المرشحين المحتملين للتسوية هذا الخلاف هو ميشيل بارنييه، وهو سياسي فرنسي من حزب الشعب الأوروبي، وكبير المفاوضين في الاتحاد الأوروبي، لكن قد تطفو أسماء أخرى على السطح.
وثمة من يعتقد بأن قمة مجموعة العشرين في اليابان والتي ستعقد في الأسبوع المقبل، ربما ستتيح للعديد من زعماء الاتحاد الأوروبي الرئيسيين عقد صفقات قبل الاجتماع القادم في بروكسل وذلك في 30 يونيو القادم، وهو التاريخ الذي أعلنه رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك من أجل تحضير اجتماع جديد لقادة الاتحاد الأوروبي بغية ترشيح أسماء لتولي مناصب رفيعة في مؤسسات الاتحاد، مثل المفوضية الأوروبية، ومفوضية الشؤون الخارجية، ورئيس البنك المركزي الأوروبي.