صيد “الطير الحر” في براري الرقة وخطوط هجرته عبر سماء سوريا

الرقة – نورث برس

في براري المعيزيلة، /40/ كم شمال شرق الرقة، شمالي سوريا، ينشغل صالح المهيد (40 عاماً) بتفقد طيوره التي يستخدمها كطعم لاستدراج  الصقر إلى الشرك الذي تحمله تلك الطيور.

ويبدأ هواة صيد الصقور في الرقة رحلتهم، منذ منتصف شهر أيلول/ سبتمبر من كل عام لتستمر حتى نهاية شهر كانون الأول/ ديسمبر.

 وفي أشهر الخريف تنشط هجرة الصقور عبر سماء الرقة والمنطقة، ضمن خطوط حركة محددة يعرفها صيادون بعد ما اكتسبوه وما تناقلوه من خبرة.

وبالقرب من قرية بئر فواز، الواقعة ضمن براري المعيزيلة التي تُعرف بأنها خط هجرة طيور “الحر” القادمة من تركيا وأذربيجان ومنغوليا، يراقب “المهيد” وأصدقاءه السماء.

يقول لنورث برس إن صيد “الطير الحر” هواية وشغف اكتسبه من آبائه وأجداده، بالإضافة للفائدة المادية في حال حالفه الحظ.

وتٌعد قبيلة عنزة، والتي يتواجد قسم منها في الرقة، من أشهر القبائل العربية المعروفة باهتمامها ومحافظتها على إرث صيد “الطير الحر”، على حد قول “المهيد.”

ويُجمع عوارف ووجهاء من أبناء القبيلة على أن هذه الهواية تعود بالأصل إلى  الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان، وأنه أول عربي عُرف عنه ممارسة هواية صيد الصقور.

ويقوم غالبية هواة صيد الطير الحر في بوادي الرقة، ببناء مخيمات، تحتوي على تجهيزات كاملة من مستلزمات طعام وشراب، إضافة لعدة كاملة للصيد من شباك وأقفاص وناظور وطيور حمام وقطا.

وتعتمد طريقة صيد “الطير الحر” على تحضير طيور “طعم” مسبقاً، وتثبيت شباك ناعمة على ظهورها، ليقوم الصياد بإطلاقها في الجو حال رؤيته الطيور الجارحة الثمينة في السماء.

وحين ينقض الطير الحر على الفريسة “الطعم” تعلق الشباك في رجليه، فيتهاوى وينزل أرضاً، حسب ما يصف “المهيد”.

وعقب الإمساك بطير الحر، أو سواه من  أنواع طيور الصقر الأخرى مثل الكوسية والشاهين،  يتم تفقد سلامته من أي مرض أو كسر في جناحيه أو علة في ريشه وذيله.

 ليصل بعدها عبر تجار مختصين، غالبيتهم من بلدة الرحيبة في ريف دمشق، إلى قصور أمراء الخليج الذين يهتمون باقتنائها، وفق ما يقول صيادو طيور في الرقة.

وقال إبراهيم العفات (30 عاماً)، وهو صياد طير حر في بادية الرقة، إن سعر الطير الحر يعتمد على مقاس الريش والرأس والذيل، “وهناك نوع يسمى المثلوث، يباع بسعر أقل، لكنه مناسب أيضاً و يرضي الصياد.”

وقام مجموعة من العارفين بتفاصيل هذه المهنة، في خريف العام الماضي، بتشكيل “جمعية الصقور” في الرقة، وهي جمعية أهلية مستقلة، مهمتها التعريف بالمهنة وتنظيم عمل صيادي الطير الحر.

يقول فارس الحوران، وهو أحد شيوخ قبيلة عنزة ومؤسس جمعية الصقور في الرقة، إن هذه المهنة كانت لملوك وأمراء العرب بشكل خاص.

وقامت جمعية الصقور في الرقة بتوسيع نطاق عملها، هذا العام، فقد تم افتتاح مكتبين يتبعان لها في كل من مدينتي الطبقة وقامشلي.

ولفت “الحوران” إلى أن سماء الأراضي السورية تضم ثلاثة خطوط ثابتة وقديمة، تقطعها أنواع الصقور مثل طير الشاهين و طير الحر في هجرتها.

 وأحد هذه الخطوط يمتد من قامشلي إلى ريف الرقة، ثم جنوباً إلى بادية حمص فدمشق وجبال الشيخ، ثم إلى لبنان.

ويمتد الخط الثاني من الريف الشمالي في حلب إلى الداخل السوري، أما الثالث فيقع داخل الأراضي العراقية ويمتد باتجاه الحماد في البادية السورية، ثم يتجه جنوباً نحو المملكة العربية السعودية.

 وبحسب الحوران، فإن مصدر هذا الخط من داخل إيران، ويمر به أثمن أنواع الصقور وأكثرها ندرة، وهو “الحر الفارسي” الذي يمتاز بغلاء أسعاره.

ويتراوح سعر أغلى أنواع الطير الحر، الذي يكون لونه أبيضاً ولا تشوبه شائبة، بين /200/ و/300/ ألف دولار في وقتنا الحالي، بحسب “الحوران”.

إعداد: مصطفى الخليل – تحرير: حكيم أحمد