في براري الجزيرة.. صيد “الطير الحر” مهنة الباحثين عن الحظ السعيد
تل كوجر – نورث برس
مع قدوم فصل الخريف من كل عام، يبدأ معجل الغفيلي (٤١ عاماً) رحلاته في صيد الطيور والتي تستمر لأشهر يتنقل خلالها في براري منطقة تل كوجر (اليعربية) على الحدود السورية العراقية.
واعتاد هواة الصيد في منطقة الجزيرة عموماً، في بداية شهر أيلول/سبتمبر من كل عام، على الخروج لصيد الصقور باهظة الثمن، أو ما يطلق عليه محلياً بـ”الطير الحر”.
وتبدأ الاستعدادات في منتصف شهر آب/أغسطس بعقد “الشراكات”، وتجهيز أدوات الصيد التي تضم الطيور (الطعم) كالقطا والحمام، وصناعة شباك الصيد، وتجهيز الأقفاص.
يقول “الغفيلي” إنه يشعر بمتعة كبيرة في الصيد، والذي يمتد موسمه من أوائل أيلول/سبتمبر، وحتى نهاية كانون الأول/ديسمبر.
ويعتبر الطير الحر (الصقر)، الهدف الرئيسي لكل صياد (قانوص)، ويقول صيادون إن الحصول عليه “غنيمة ثمينة، وحظ كبير.”
ويتميز الطير الحر بمواصفات معينة، يعرفها خبراء الصيد، من خلال اللون، فهناك الأبيض والأسود والأشقر والأشعل (يميل إلى الشقرة) والأحمر وقد يأتي بلونين، فيسمى المرقّش.
وتختلف أنواعه بحسب المكان أيضاً، فهناك طير سنجار، وحوران، والحماد السوري، أو الشامي، وخارج سوريا، هناك الفارسي، والتركي.
وقال معجل الغفيلي إن الطير الأسود، الذي يسمى طير سنجار، يعد من أندر الطيور، وأغلاها ثمناً.
وأضاف: “هناك التركي، وهو الأرخص ثمناً.”
وللطير أطواله التي تتراوح عادة بين /٤٢/ و/٤٤/ سم، وطريقة قياسه تتم من أعلى الجناح (الكتف)، إلى مؤخرة الذيل.
وقال ممدوح العقل (٥٦ عاماً)، وهو تاجر طيور منذ /١٩/ عاماً، إنها تجارة مربحة، لكنها تحتاج إلى “خبرة عالية”.
وأشار إلى أنه اشترى في بداية موسم الصيد هذا العام طائرين بلغت قيمة أحدهما /٣٢/ مليون ليرة سورية.
وقال “العقل”، الذي ورث المهنة عن جده، إنه يقوم بتصدير الطيور إلى دول عربية كالسعودية والإمارات، حيث يقتنيها الأمراء والشيوخ ورجال الأعمال مقابل مبالغ كبيرة.
لكن صيادي الطيور يعانون غالباً من مشاكل وخلافات، يصفونها بـ”المعقدة” وتحتاج عادة إلى قاضٍ متخصص بالأعراف العشائرية يسمى عند البدو بـ”العارفة”.
وقال كاطع الهذيل (٧١ عاماً)، وهو قاض بدوي يعيش في منطقة تل كوجر، إن كثرة الخلافات حول صيد الطيور ترجع إلى “شبهات الشراكة”.
وجرت العادة بين الصيادين أن كل من يرى الطير في السماء ويلقي له الشبكة، يعتبر نفسه صاحب الحق في الطير حتى لو اصطاده غيره.
لكن هناك قوانين متعارف عليها، تنظم إلى حد كبير هذه المهنة، فمثلاً شراكة الليل لا تنفض إلا بعد انقضاء النهار التالي.
والطير لمن يطارده، وليس لمن ألقى له، ولو دخل طير على مكان فيه مئة شخص، فالجميع شركاء فيه، وغالباً ما تحل المشاكل بالتراضي، طبقاً للقاضي “الهذيل”.