تنقيب عشوائي وتهريب لآثار إدلب والفصائل تجني حصتها

إدلب – نورث برس

لا تزال المواقع الأثرية في محافظة إدلب، شمال غربي سوريا، عرضةً لعمليات نهب وسرقة وتنقيب عشوائية من قبل سكان محليين وبإشراف تجار وسماسرة تابعين للفصائل العسكرية المسيطرة على المنطقة.

ويقول أشخاص يعملون في استخراج وبيع تلك الآثار إن الضرر الذي لحق بالمواقع الأثرية سابقاً جراء القصف المدفعي والجوي يستمر الآن عبر عمليات الحفر والتجريف .

وأشار بلال العبود (44 عاماً)، وهو مهتم بالآثار في إدلب، إلى أن البحث عن الآثار وسرقتها “يتم باستخدام أجهزةٍ متطورة.”

وأضاف، لنورث برس، أن أعمال التجريف والحفر بالآليات الثقيلة والنبش في العشرات من المواقع والتلال، “تتم علناً وبإشراف وتسهيلات من الفصائل المسلّحة ومشاركتها.”

وﻛﺎﻥ التنقيب ﻗﺒﻞ ﺍلحرب ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﺔ يتم بمعظمه من قِبل ﺟﻬﺎﺕ ﻣﺨﺘﺼّﺔ ﺗﺘﺒﻊ لمديرية الآثار والمتاحف الحكومية.

في المقابل، يتهم ناشطون القوات الحكومية بتحويل مواقع أثرية إلى ثكنات عسكرية، فضلاً عن اتهامات لمسؤولين ومتنفذين في الحكومة السورية بتهريب الآثار السورية حتى قبل عام 2011.

كما طال القصف والتدمير متاحف عدة في ريف إدلب، كمتحف معرة النعمان، ومتحف شنشراح/خربة حاس، وآثار خربة الخطيب .

وتتعرض ﺍﻟﻤﻮﺍﻗﻊ ﺍﻷﺛﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﺳﻮﺭﻳﺎ، بالإضافة للتنقيب غير القانوني، للقصف ﻭﺍﻟﺘﺠﺮﻳﻒ ﻭﺗﻜﺴﻴﺮ ﺍﻟﺤﺠﺎﺭﺓ ﺍﻷﺛﺮﻳﺔ، فضلاً عن الزﺣﻒ ﺍﻟﻌﻤﺮاني.

وتضمُّ محافظة إدلب ما يقارب /400/ موقعاً أثرياً، ومن أشهر تلك المواقع مدينة إيبلا التي تم التنقيب عنها من قبل البعثة الإيطالية عام 1964 وقد استمرت تلك الأعمال لعشرة أعوام، بحسب “العبود”.

كما تضمُّ إدلب مدناً أثرية أخرى كالبارة وكنيسة قلب لوزة وغيرها من المواقع المنتشرة في أرجاء المحافظة، إلى جانب التلال الأثرية التي يبلغ عددها أكثر من /200/ تل أثري .

وتضع اتفاقية لاهاي (1954)، المعتمدة من قبل الأمم المتحدة، قواعد لحماية السلع الثقافية أثناء النزاعات المسلحة.

غير أن مجموعات منظّمة نهبت المتاحف والمواقع الأثريّة في سوريا بهدف الاتجار غير الشرعي بقطعها النادرة، بحسب ما وثقته منظمة اليونسكو.

ولفتَ “العبود” إلى أنه منذ العام 2011، لحقت أضرارٌ بمواقع “القرى القديمة في شمالي سوريا”، الواقعة في منطقة إدلب والمدرجة من قبل اليونسكو في قائمة التراث العالمي.

وأضاف أنه تم تدمير كنائس عديدة في المنطقة، كما تعرضت مذابح تلك الكنائس لعمليات نهب واسعة النطاق، “ويبدو أن موقع كفر عقاب هو الموقع الذي تعرّض لأكبر قدر من الأضرار في المنطقة”.

 وتضمُّ الآثار المسروقة لوحات فسيفسائية وأواني فخارية وعملات معدنية، ويجري نقل وتهريب معظمها عن طريق الحدود التركية، كما أن قسماً منها يُنقل إلى البلدان العربية ولاحقاً إلى الأسواق العالمية، بحسب “العبود”.

وتُعدُّ المواقع المحاذية للحدود التركية أكثر عرضةً لعمليات النهب مقارنةً بغيرها من الأماكن، حيث يستغلُّ مهربو الآثار قُربَ هذه المواقع من الحدود للإسراع في تصدير التحف الفنية إلى خارج سوريا، بحسب سكان من المنطقة.

وقال أبو كمال (35 عاماً)، وهو اسم مستعار لشخص يقيم في مدينة إدلب ويتاجر في الآثار، ﻟنورث برس، إن معظم عمليات التنقيب غير الشرعي عن اللقى الأثرية “تتم من خلال اتفاق مع هيئة تحرير الشام.”

وتحصل الهيئة بموجب تلك الاتفاقات على نصف العائدات من عمليات البحث مقابل تقديم الحماية لورش النبش والحفر، بحسب “أبو كمال”.

وأضاف التاجر أنهم يتعاملون ﻣﻊ ﺗﺠﺎﺭ وسماسرة ﻓﻲ تركيا، “حيث ﻧﻘﻮﻡ ﺑﺘﻬﺮﻳﺐ ﺍﻟﻘﻄﻊ ﺍﻷﺛﺮﻳﺔ إﻟيهم، ﻭمن هناك ﻳﺘﻢ ﺑﻴﻌﻬﺎ ﻟﻤﺘﺎﺣﻒ ﻭﻣﻬﺘﻤﻴﻦ ﺑﺎﻵﺛﺎﺭ ﻓﻲ أوروبا.”

وتهدد أعمال ﺍﻟﺘﻨﻘﻴﺐ غير المشروعة والعشوائية والتي تتم ﺑﺄﺳﺎﻟﻴﺐ ﺑﺪﺍﺋﻴﺔ وبأيدي ﺃﺷﺨﺎﺹ ﻟﻴﺲ ﻟﺪﻳﻬﻢ إلمام بعلوم ﺍﻵﺛﺎﺭ والتنقيب، بضياع وزوال قطع ومواقع أثرية تشهد على تاريخ حافل يعود إلى آلاف الأعوام.

وذكر “أبو كمال” أن التجّار الأجانب يشتكون من أن بعض القطع الأثرية القادمة من سوريا متضررة بسبب الحفر بأدوات غير مناسبة للتنقيب، “ما يؤدي إلى فقدانها لمعالمها وقيمتها.”

إعداد: حلا الشيخ أحمد – تحرير حكيم أحمد