“لا أجيد كتابة اسمي”.. أطفال في سوق العمل بريف حلب الشمالي
ريف حلب – نورث برس
يتجول أحمد الحصني (13 عاماً) بين محطة نقل الركاب وأطراف السوق في مدينة إعزاز، شمال حلب، حاملاً قطعاً من البسكويت، يقول إنه يبيعها ليعيل عائلته المكوّنة من أمه وأخواته الصغار.
ولم يجِد الطفل، الذي يتحدر من بلدة مسرابا في الغوطة الشرقية بريف دمشق، بُداً من ترك مدرسته واللجوء إلى بيع قطع البسكويت في الحدائق العامة.
ويُقبِل كل صباح على مدينة إعزاز، أطفال بأعمار مختلفة قادمين من مخيمات في ريفها، ليعملوا في سوق المدينة وشوارعها مقابل مبالغ زهيدة، في حين لا تبدو أي جهة مهتمة بابتعادهم عن مقاعد الدراسة.
وقال “الحصني”، لنورث برس، إنه كان يرتاد مدرسة في قبو صغير تحت بناية في بلدته مسرابا، و”إن بعض معلميه فقدوا حياتهم في الطريق إلى تلك المدرسة خلال سنوات الحرب.”
وأضاف أن التنقل المستمر بين بلدات الغوطة عقب كل حملة عسكرية كانت قوات النظام تشنّها، دفعه لترك المدرسة “حتى قبل النزوح إلى إعزاز.”
وغدا “أحمد” المعيل لعائلته بعد أن فقد والده حياته إثر سقوط قذائف مدفعية في الغوطة، ليتم تهجير العائلة عام 2018 إلى الشمال السوري.
“توجهنا لمخيمات إعزاز على الحدود التركية، حيث أقوم كل يوم بالمجيء إلى المدينة لبيع علبة البسكويت، وأرتاد الدكان والفرن لشراء خبز وخضار لأهلي الذين ينتظرون قدومي قبل غروب الشمس.”
وبات بعض السكان ينظرون لعمالة الأطفال في إعزاز ومدن سورية أخرى كأمرٍ طبيعي في ظل الظروف المعيشية المتدهورة وتراجع الاهتمام بقطاع التعليم نتيجة الحرب.
ويعمل حسن الهميش (11 عاماً)، وهو من مُهَجَّري قرية الجمالة جنوب حماة، مع والده في تصليح الدراجات النارية في مدينة إعزاز.
ضيق الحال وصعوبة العيش كانا سببين مقنعين، حسب رأي والد حسن، لتفضيل “مصلحة يقتات منها هو وطفله على الدراسة”.
“لا أجيد كتابة اسمي”، قالها حسن وبدا متألماً، لكنه أسرع ليحضر لوالده مِفكاً لاستئناف إصلاح دراجة نارية كانا يعملان عليها.
ومن جانبها، قالت رغد مظلوم، وهي معلّمة وأخصائية تربية خاصة، إن حاجة العائلات عامل أساسي لدفع الأطفال نحو سوق العمل.
“وعلى الرغم من وجود العديد من الأسباب التي تدفع الأطفال إلى العمل، إلا أن الدراسات أثبتت أن الفقر هو العامل الرئيسي لهذه الظاهرة.”
وأضافت أن الأهل يتحمّلون المسؤولية عن قرار تشغيل الأطفال حتى لو اندفع الطفل نفسه نحو سوق العمل، “فلا يجوز اعتبار الأطفال مصدراً للحصول على الدخل والاعتماد عليهم لتوفير الاحتياجات الرئيسة للأسرة.”
وترى “مظلوم” أن الحل يبدأ بإلغاء الأسباب التي تدفع لعمالة الأطفال وتشغيلهم، “مثل الفساد الذي يسبب إساءة استخدام الموارد وبطالة الآباء التي تدفع الأبناء الصغار للبحث عن عمل.”