النساء في إدلب.. ضحايا انتهاكات الفصائل والعنف الأسري

إدلب – نورث برس

تتعرض نساء سوريات في إدلب، شمالي البلاد، لانتهاكات بسبب قرارات لهيئة تحرير الشام أكبر الفصائل المسيطرة، بينما تواجه العنف الأسري دون توفر حلول لإنهاء تلك المعاناة.

وفي الشارع، تقوم بعض الفصائل العسكرية بالتدخل في “ﻛﻞ ﺍﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺨﺺ تنقل ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ومحاولتها تسيير أمور حياتها وعائلتها”.

وتقوم هيئة تحرير الشام، عبر “ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﻔﻼﺡ”، بتسيير جولات ﻓﻲ ﺍﻷﺳﻮﺍﻕ ﻭﺃﻣﺎﻛﻦ ﺍﻟﺘﺠﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺇﺩﻟﺐ، بحسب شهادات سكان.

ويحظر ﺟﻠﻮﺱ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻣﻊ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻄﺎﻋﻢ ﻭﺍﻟﻤﻜﺎﺗﺐ أو المحال التجارية، كما يلزم ﺃﺣﺪ ﺑﻨﻮﺩ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ الذي يتبناه “مركز الفلاح” ﻃﺎﻟﺒﺎﺕ ﺍﻟﻤﺪﺍﺭﺱ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﻫﺪ ﻭﺍﻟﻜﻠﻴﺎﺕ ﺑﻠﺒﺲ “ﺍﻟﺨﻤﺎﺭ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ”.

وقالت “أم يامن” (35 عاماً)، وهو اسم مستعار لنازحة من سراقب وتقيم في إدلب، إنها تعرضت لتهم مختلفة من قبل نساء تابعات لهيئة تحرير الشام.

وحدث ذلك عندما كانت بصحبة أختها وبناتها في حديقة الملاهي بمدينة إدلب، حيث تم استجوابهن وسؤالهن عن سبب وجودهن بدون محرم، وعدم وضع النقاب.

وأضافت أنهن واجهن “تهماً وكلاماً جارحاً” وحديثاً غير لائق عن الفتيات بذريعة أنهن يرتدين سترات قصيرة.

ورغم ذلك، لم تستطع “أم يامن” الاعتراض “خوفاً من الاعتقال، فهن يمتلكن ﺳﻠﻄﺔ مطلقة، ﻭﻏﺎﻟﺒﺎً ﻣﺎ ﻳﻔﺮﺿﻦَ ﺗﻌﻬﺪﺍﺕ ﺧﻄﻴﺔ ﻋﻠﻰ النساء، ﻭﻗﺪ ﺗﺼﻞ سلطتهن ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻀﺮﺏ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ .”

ويضم “مركز الفلاح”، ﺃﻭ ﻣﺎ ﻳﻌﺮﻑ ﺑﻬﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮ، ﺭﺟﺎلاً ﻭﻧﺴﺎﺀ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺳﻮﺭﻳﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ، بالإضافة لمهاجرين ﻭﻣﻬﺎﺟﺮﺍﺕ ﻣﻦ ﺩﻭﻝ ﺃﺧﺮﻯ، بحسب نساء واجهن تدخلاً للمركز في حياتهن.

كما تقوم ﺪﺍﺋﺮﺓ ﺍﻷﻭﻗﺎﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ، بممارسة ﺿﻐﻮﻃ ﻧﻔﺴﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ بذرائع من قبيل “ﺣﻔﻆ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﻭﻧﺸﺮ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ”.

ويبرز ذلك في دوريات نسائية تتحكم بحياة ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ وتفرض أنماطاً من اللباس والسلوك.

ويأتي ذلك في الوقت الذي تستمر العادات والتقاليد من الضغط على حياة النساء وسط تدهور الظروف المعيشية.

وقالت عبيدة العلوش (41 عاماً)، وهي امرأة من معرة النعمان، إنها تعيش حالة “عوز وحاجة” بعد أن تم حرمانها من حقها في ترِكة والدها.

“بعد وفاة والدي، قررت ﻭﺍﻟﺪتي ﻭﺇﺧﻮتي ﺍﻟﺬﻛﻮﺭ ﺗﻘﺎﺳﻢ ﺍﻟﻤﻴﺮﺍﺙ، ﻭﺍﻻﺳﺘﻴﻼﺀ ﻋﻠﻰ حصتي وحصة أخواتي ﺍﻟﺒﻨﺎﺕ، ﻷننا نساء ﻭﻻ ﻳﺮﻳﺪﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﺬﻫﺐ ﺃﻣﻼﻙ العائلة ﺇﻟﻰ ﺭﺟﻞ ﻏﺮﻳﺐ ﻛﻤﺎ يقولون.”

وأضافت: “لكن عندما توفي زوجي، طالبت أخوتي بحقي في الميراث، فرفضوا ودفعوا لي مبلغاً بسيطاً لا يساوي ربع ما يجب أن أحصل عليه”.

ولم تُقدم “العلوش” على تقديم أي شكوى في المحاكم الشرعية المنتشرة في المنطقة، خشية خسارة أقاربها والتعرض لكلام جارح من محيطها، وفق ما تقول.

ويمثل العنف الأسري وجهاً آخر لمعاناة المرأة في إدلب، وخاصة أن القوانين هناك تجرم العنف الأسريّ بعقوبات مخفّفة، ولكن قلّما تصل حالات العنف الأسري إلى المحاكم، بل يتم التستر عليها لدواع اجتماعية.

وﻣﻊ ﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﺘﻮﻋﻴﺔ المجتمعية ﻭﺍﻟﺮادع ﺍﻟﻘﺎﻧﻮني، وهيمنة عادات وتقاليد وقرارات رسمية تمنع المرأة من رفع صوتها للمطالبة بحقوقها، تتكرر حوادث مؤلمة.

وكانت المعلمة ﻣﻴﺴﺎﺀ ﺩﺭﺑﺎﺱ، وهي معلمة ﻣﻦ بلدة أطمة شمال إﺩﻟﺐ (33عاماً)، قد انتحرت في الثاني من أيلول/ سبتمر الحالي عبر تناولها السم بسبب العنف الأسري.

وتناقل ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي حينها شهادات بأن العنف الممارس على المرأة من زوجها، ومحاربتها بحرمانها من أولادها، إلى جانب عدم إنصافها من قبل عائلتها كانت السبب في انتحارها.

كما ذكرت تلك الشهادات أن “درباس” كانت “حسنة السمعة”.

وقالت صديقة مقربة من الضحية إنها كانت متزوجة ﻣﻦ ابن عمها منذ سبع سنوات وهي أم لثلاثة أطفال، وإن آثار الضرب على وجهها كانت بادية أحياناً لزميلاتها في المدرسة.

وأضافت أن الزوج، في خلافهما الأخير، طردها من المنزل وحرمها من أولادها.

إعداد: حلا الشيخ أحمد – تحرير: حكيم أحمد