على أراضٍ سوريّة مستولى عليها.. تركيا تقترب من إنهاء بناء جدارها العازل
دمشق – نورث برس
من مزرعته المتاخمة للحدود التركية، في بلدة كسب بريف اللاذقية شمال غربي سوريا، يتأمّل فاسكين سركسيان، أعمال تشييد الجدار العازل الذي تستمر تركيا ببنائه على الحدود.
وقال “سركيسيان” (40 عاماً)، عن الجدار الذي يوشك على الانتهاء، إن القوات التركية تقوم “بتفجير ما تبقى من المرتفعات الجبلية التي تقف عائقاً أمام العمال وتَحول دون بناء الجدار.”
وكانت السلطات التركية قد شَرَعت ببناء جدارها العازل قبل خمسة أعوام، وبدأت أعمال البناء في عدة مناطق بوقتٍ واحد إلا أنها بدأت أولاً من مناطق شمال شرقي سوريا.
ويصل طول الجدار في جزئه داخل حرم محافظة اللاذقية إلى نحو /٣٠٠/ كم.
وقال “سركيسيان”، لنورث برس، إن هناك أرض في بلدة كسب تعرضت للقضم “وخاصةً بعد الأمانة الحدودية نحو مركز البلدة وعند نقطة الصخرة حيث تنتشر بساتين أشجار التفاح.”
وأشار المزارع إلى أن الغاية ليست فقط احتلال أجزاء جديدة “بل تسهيل مرور الجدار وتخفيف تكلفة تفجير بعض المرتفعات الصخرية والتي تقع على الحدود السابقة.”
ويقول السكان المحليون إن الجدار الإسمنتي مدعَّمٌ بأسلاك يُعتَقد أنها مكهربة بارتفاع يفوق الثلاثة أمتار ونقاط حراسة بمسافات متفاوتة تقطع أوصال المناطق مع الحدود.
ولفتَ “سركيسيان” إلى أن أعمال البناء والقضم تجري وسط عدم قدرة الجانب السوري على منع الشركات التركية التي تنفِّذ أعمال البناء، “والتي تجابِه اعتراضات يومية من السكان.”
وترفض شركات البناء التركية المدعومة بقوات عسكرية لقاء السكان، وفي حال اقتربَ أحدهم يتم التواصل مع الجهات العسكرية السورية لمنع أي تطور للموقف، وفق “سركيسيان”.
ويتهم سكان محليون تركيا بسلب مزيد من الأراضي والمساحات مستغلةً سطوتها ووجود سيطرة للجماعات المسلّحة التابعة لها في بعض المناطق.
ويبلغ طول الحدود السورية-التركية نحو /822/ كيلومتراً، وقد واجهت أعمال بناء الجدار في مختلف المناطق اعتراضات من جانب السكان واتهامات للطرف التركي بقضم مساحات واسعة من الأراضي.
لكن لا تتوفر احصائيات رسمية حول حجم الأراضي التي تم قضمها من الجانب التركي.
وقال مصدر مطلع، لنورث برس، إن عملية بناء الجدار تجري بالتنسيق مع الحكومة السورية “وقد قامت الشركة المنفِّذة بإرسال معلومات كاملة عن مسار الجدار قبالة بلدة كسب.”
وأضاف أن الطرفان عقدا اجتماعات تم خلالها الاتفاق على التشاور عند حصول أي نزاع “وهي تجري بإشراف والي “يايلا داغ” الذي يقيم في المنطقة المتاخمة لبلدة كسب.”
وكشف المصدر أن الوالي التركي أخبر الجانب السوري ببعض الجوانب التقنية المتعلّقة بخط مرور الجدار، “ولكن الاتفاق فشل في الحفاظ على حقوق السكان السوريين.”
لكن الجانب التركي “لم يكترث ولم يوقف البناء رغم الخروقات التي أدت لابتلاع مساحات من الأراضي الزراعية للمزارعين رغم أنها مثبّته في الجهات العقارية في البلاد.”
وأشار المصدر إلى أن الخروقات كانت كبيرة عند المنطقة الشرقية الموازية لبلدة ربيعة “ومنها نحو جسر الشغور.”
ويثير استمرار قضم الأراضي مخاوف السكان السوريين خاصةً أن الأمر يتم أمام مرأى الجيش السوري الذي لا يبدو أنه في صدد التحرك أو اتخاذ موقف.
ويشكو سكان من المنطقة من أن أعمال التفجير التي تقوم بها الشركات التركية تؤدي إلى قطع طرق زراعية وتمنع المزارعين من الوصول لأراضيهم.
ووصلت أعمال تثبيت الكتل الإسمنتية التي يبلغ ارتفاعها أكثر من ثلاثة أمتار إلى قبالة السواحل الملاصقة لمنطقة السمرا البحرية، وهي آخر نقطة برية على الحدود.
وقال مصدر عسكري سوري، فضّل عدم الكشف عن اسمه، “إن الانتهاكات والأعمال العدائية التركية لم تتوقف منذ سنوات وهي مستمرة وتحديداً في المنطقة الشرقية.”
وتشمل الانتهاكات “قرى الشحرورة ونوارة والتفاحية بريف اللاذقية وصولاً إلى الناجية وبداما وجسر الشغور بريف إدلب التي لا زالت تقبع تحت سيطرة الفصائل الآسيوية”، بحسب المصدر.
وأشار المصدر إلى أن القوات التركية دخلت الأراضي السورية من جهة ريف اللاذقية قبل أيام، “وبدأت بوضع نقطة لها عند تلة الراقم الحيوية والقريبة من محور كنسبا.”
وأضاف أن الأتراك كثّفوا حضورهم عند قمة جبل الأقرع، حيث وضعت نقاط عسكرية “بهدف تأمين وحماية القواعد العسكرية الكبيرة.”
ويعود تاريخ إنشاء هذه القواعد إلى عدة سنوات بعضها يتبع لحلف الناتو وهي ذات طابع استطلاعي وتم تجهيزها بمعدات ورادارات متطورة، وفق المصدر.
وأشار المصدر إلى أن تنسيقاً يجري منذ أيام بين الجانبين الروسي والتركي لإدارة ملف فتح الطريق الدولي (M4)، والذي يصل اللاذقية بمدينة حلب عبر مسار يبلغ قرابة /١٠٠/كم.”
ويتمثّل التنسيق في وضع نقاط مراقبة مشتركة في مناطق تواجد الفصائل المسلّحة المدعومة من أنقرة، وفي مقدمتها هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)”، بحسب المصدر.
ولا يحمل سكان المنطقة كحال المزارع “سركيسان” أي آمال في المدى القرب في استعادة ما قضمته تركيا من أراضيهم، في ظل عجز القوات الحكومية وتبعية فصائل المعارضة بشكل كامل للطرف التركي.