“مختلف لكن تجاهل تسمية الجناة”.. من أصداء تقرير لجنة التحقيق الدولية في شمال شرقي سوريا

القامشلي- نورث برس

لاقى تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا ردوداً وأصداء واسعة بشمال شرقي سوريا حملت طابعاً إيجابياً على مستوى المؤسسات الحقوقية العاملة في المنطقة كما الإدارة الذاتية.

ورغم أن التقرير حمل اتهامات لقوات سوريا الديمقراطية حول “حجز حرية” متهمين بالتعامل مع تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، إلا أن التقرير اعتبر “مختلفاً عن تقارير سابقة للجنة.”

وذهبت الإدارة الذاتية إلى اعتباره “بداية مهمة لتوثيق الانتهاكات بمناطق عفرين وسري كانيه(رأس العين) وتل أبيض.”

وكان التقرير قد أتهم قوات الحكومة السورية بارتكاب “جرائم ضد الإنسانية” واتهام فصائل المعارضة المسلحة بارتكاب “جرائم حرب” خلال الستة الأشهر الأولى من العام الجاري.

ترحيب رسمي

البداية جاءت من الإدارة الذاتية التي رحبت بالتقرير ودعت في بيانها الخميس، الأمم المتحدة للضغط على تركيا لإيقاف دعمها لفصائل المعارضة المسلحة التابعة لها.

كما أبدت الإدارة الذاتية “استعداها للتعاون مع المؤسسات واللجان الحقوقية، حول ملاحظات التقرير بشأن مناطقها.”

 في غضون ذلك دعا مجلس سوريا الديمقراطية لجنة التحقيق إلى زيارة شمال شرقي سوريا والتحقق من اتهاماتها بخصوص قوات سوريا الديمقراطية.

“تركيا مسؤولة”

وقال حسين نعسو عضو الهيئة القانونية الكردية إنه “وبخلاف التقارير السابقة يشير ولأول مرة الى مسؤولية تركيا عن الجرائم التي ترتكب في المناطق المحتلة.”

وأضاف أن “التقرير يحمّل تركيا مسؤولية ارتكاب جرائم الحرب هناك وفق الفقرات 67-68-69 ويقدم تركيا كدولة احتلال “وإن لم يتم ذكر ذلك صراحة”.

وأشار “نعسو” إلى أن التقرير حث تركيا على القيام بمسؤولياتها كدولة احتلال في الحفاظ على الأمن وتأمين سلامة وحياة المواطنين.

 واعتبر أن إلزام تركيا كدولة احتلال وفقاً لاتفاقيات جينيف الأربعة و اتفاقيتي لاهاي” مرتبط بـ”شرط السيطرة الفعلية على الأرض لكي يمكن وصف تلك الدولة بالاحتلال” بحسب نعسو.

وكان باوبلو بينيرو رئيس لجنة التحقيق الدولية قد أشار إلى “تفشي عمليات النهب ومصادرة الممتلكات من قبل الجيش الوطني السوري في المناطق الكردية”.

كما أضاف “بينيرو” أن “مجتمعات وثقافات بأكملها تتعرض للهجوم حيث جرفت ونهبت المواقع التراثية المصنفة من قبل اليونسكو”.

وقال نعسو لـ” نورث برس” إن التقرير ليس بقرار اتهامي صادر عن هيئة قضائية حتى نطالب بان تكون مصطلحاتها جازمة.

وأضاف أنه يعتبر “خلاصة وإحاطة لما ورد اليها من تقارير وما توصلت اليها من استنتاجات”.

وأشار المحامي الكردي أن “مهمة اللجنة ستحيل التقرير إلى مجلس حقوق الانسان”.

 وأوضح “نعسو” أن الجهة المكلفة بإصدار القرارات الاتهامية الجازمة وتحديد المسؤولية عن تلك الجرائم هي المحاكم التي قد تحيل إليها هذه التقارير مستقبلاً.

وكان تقرير لجنة التحقيق الدولية قد ذكر “احتمالية أن يكون الجيش الوطني السوري قد ارتكب جرائم حرب في عفرين تتمثل في خطف الرهائن والمعاملة القاسية والتعذيب والاغتصاب”.

وأُنشئت لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا في 22 آب/أغسطس 2011 بموجب قرار مجلس حقوق الإنسان (S-17/1).

وعُهد إلى اللجنة بولاية التحقيق في جميع الانتهاكات المزعومة للقانون الدولي لحقوق الإنسان منذ آذار/مارس 2011  في سوريا.

“جرائم عرقية”

وأشار “نعسو” إلى أن “الأوضاع في المناطق الكردية التي احتلتها تركيا لا يمكن مقارنتها بفترة حكم الإدارة الذاتية من حيث حدوث الانتهاكات والجرائم.”

وأضاف أن “الفصائل و القوات التركية ترتكب جرائم وانتهاكات على أساس عرقي وعنصري  إلى جانب فقدان للأمن والأمان.”

واتهم الحقوقي الطرفين بـ”القضاء على أسس التعايش المشترك بين المكونات وتهجير قسري للسكان الكرد وتنفيذ تغيير ديموغرافي على أساس عرقي عنصري”، وفق تعبيره.

في غضون ذلك القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، الخميس، إنهم بدأوا التحقيق في الاتهامات التي طالت قواتهم في تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة الخاصة بسوريا.

وأشار “عبدي”  إلى أن “أغلب الدول الـ٨٤ ترفض استقبال مواطنيها من سكان المخيم، بينما اختزلت المنظمات الأممية دورها ببعض المساعدات الإنسانية.”

وكان تقرير لجنة التحقيق قد اتهم “قسد بحبس أفراد مدّعى أنهم مرتبطين بتنظيم الدولة الإسلامية “داعش” ما يرقى إلى الحرمان غير القانوني من الحرية بظروف غير إنسانية.”

“جزء صغير”

وفي تغريدة لاحقة قال عبدي إن التقرير “قدم جزءاً صغيراً من جرائم الحرب التي ترتكبها الفصائل المسلحة في عفرين وسري كانيه(رأس العين) وتل أبيض بغطاء سياسي تركي.”

وأضاف مظلوم عبدي أن “على المجتمع الدولي محاسبة الأطراف عن جرائم الحرب والتحرك بجدية لملاحقة ومحاكمة مرتكبي هذه الجرائم.”

وذكر التقرير  الأمم المتحدة أن “روايات متعددة تشير إلى أن ممتلكات الأكراد قد نُهبت في جميع أنحاء منطقة عفرين واستولى عليها عناصر الجيش الوطني السوري على نحو منسق.”

“تقرير تجاهل الجناة”

من جهته قال مصطفى عبدي من مركز توثيق الانتهاكات إن التقرير “لم يشمل كل الانتهاكات لكنه حمّل الفصائل المسلحة الموالية لتركيا مسؤولية ارتكاب الجرائم بأدلة دامغة.”

وأضاف لنورث برس أن “التقرير تجاهل الدور التركي الأساسي ودور الائتلاف السوري و الحكومة المؤقتة اللتان تعتبران الواجهة السياسية لتلك الفصائل”، على حدّ قوله.

وقال الصحفي العامل إن الهجومين التركيين مع الفصائل المسلحة على عفرين وعلى سري كانيه(رأس العين) وتل أبيض، “زادا من التوترات العرقية في المنطقة.”

وأضاف أن تلك العمليات تسببت في نزوح السكان المحليين من مناطقهم الأصلية وتوطين عشرات الآلاف من الأشخاص الذين جرى نقلهم من ريف دمشق ومناطق أخرى من سوريا.

وتضمنت التوصيات الواردة في نهاية التقرير وقفاً لإطلاق النار في جميع أنحاء البلاد على المدى الطويل، والإفراج عن جميع السجناء والمعتقلين وإعادتهم إلى بيوتهم.

وشملت التوصيات ضمان الوصول الغذاء والمساعدات الطبية لمكافحة جائحة كورونا، و”وقف عمليات النهب وتدمير المواقع الدينية من قبل الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا.”

إعداد: عبدالحليم سليمان- تحرير: عكيد مشمش