حلب- نورث برس
يمتلك علي دلو /56/ دونماً من الأراضي المثمرة في بلدته الشيخ حديد(شيه) بريف عفرين شمالي حلب، إلا أنه لم يجني محصوله منذ سيطرة الفصائل التابعة لتركيا على المنطقة.
“دلو” البالغ (35 عاماً) فرّ هو وعائلته من منطقته عفرين نحو مدينة منبج أثناء هجوم القوات التركية والفصائل المسلحة التابعة لها على عفرين في آذار/مارس من العام 2018.
ولم يتمكن من العودة بعد سيطرة الفصائل التابعة لتركيا على مدينة عفرين وريفها، وممارستها التي تسببت بتهجير سكانها الأصليين.
وقال لنورث برس “أغلب الأشجار المثمرة التي أملكها هي شجر الزيتون، لكنها الآن تحت رحمة قيادات وعناصر من جيش الشرقية.”
وأضاف أنهم لم يكتفوا بجني الثمار فحسب، بل “اعملوا مناشيرهم الكهربائية قطعاً وتحطيباً في أرضي وأرض أقاربي بحجة انضمامي لوحدات حماية الشعب.”
وتنتج سهول منطقة عفرين أحد أفضل أنواع زيت الزيتون في سوريا، والتي تقدر عدد أشجارها نحو /20/ مليون شجرة.
ويصل إنتاجها السنوي لأكثر من /270/ ألف طن من الزيتون، أي ما يعادل نحو /55/ ألف طن من زيت الزيتون، وفقاً لإحصائياتِ مهندسين زراعيين وخبراء اقتصاديين.
لكنها غدت عرضة للنهب والسرقة والتحطيب من قبل الفصائل المسلحة التابعة لتركيا بعد سيطرتها على المنطقة في آذار/ مارس 2018.
“طلقة بارود بترضيك”
وقال عبدو ابراهيم، وهو اسم مستعار لأحد سكان مدينة عفرين، والذي يملك نحو /150/ شجرة زيتون بأحد نواحي المنطقة، إنه لم يتمكن من حماية موسمه العام الفائت.
“كنت قد على وشك قطاف ثمار الزيتون، عندما وقفت عدة سيارات تابعة لفصيل جيش الشرقية تحمل نحو /50/ عنصراً مع قائدهم المدعو “أبو سياف” والبدء بقطاف الزيتون دون رادع يمنعهم.”
وأشار “ابراهيم” إلى أن الفصائل تتصرف بأرزاق العباد رغماً عنهم، وفي حال اعترض صاحب الرزق فأسهل ما يقومون به تلقيم مسدساتهم وإطلاق النار عليه ورمي جثته بجانب أرضه.”
وأضاف “هم يفعلون ذلك ليبثوا الخوف والرعب في قلوب البقية، وما أكثر القصص التي سمعت عنها بشأن هكذا حالات.”
بقي “ابرهيم” يتفرج عليهم بألم، وقد وجهوا له تهديد في حال اعتراضه، “قالوا لي:” اذا ما عجبك يا كردي طلقة البارودة بترضيك)، فالتزمت الصمت وعدت لمنزلي.”
لم يجد صاحب الأرض جدوى من الإدعاء عليهم في المجلس المحلي أوفي مكان آخر، “وكيف أرفع عليهم دعاوي وهم الخصم والحكم، ولا أدري ما يفعلون هذه السنة مع اقتراب موسم قطاف الزيتون.”
وحذّرت مفوّضة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشيليت، الجمعة، من تردي حالة حقوق الإنسان بمناطق الشمال السوري الواقعة تحت سيطرة القوات التركية والفصائل المسلحة التابعة لها.
أشارت مفوضة الأمم المتّحدة إلى نمط مقلق من الانتهاكات الجسيمة، ساد خلال الأشهر الأخيرة في المناطق المذكورة، بما فيها عفرين وسري كانيه (رأس العين) وتل أبيض.
“عبيد المال”
وكانت المجالس المحلية التي شكلتها تركيا في عفرين وبلداتها فرضت اقتطاع نسبة تتراوح ما بين /10/ إلى /20/ % من محصول الفلاحين من الزيت مقابل السماح لهم بقطف الزيتون التي يملكونها، خلال الأعوام الثلاثة الماضية.
وفرضت فصائل المسلحة ما شاءت من إتاوات على المزارعين وفي أحيان كثيرة قامت بسرقة المحصول بقوة السلاح حتى بعد أخذ الإتاوة.
ومع اقترب موعد قطاف الزيتون هذا العام يخشى “عبدو محفوظ” اسم مستعار لمدني من سكان المنطقة، مع تكرار النهب والسرقة من قبل الفصائل.
“لا ندري كم تكون الإتاوة على رزقنا من عبيد المال، وكيف للمزارع أن يكون له مربح.”
وأضاف أنه هناك عند القطاف إتاوة وعند عصره إتاوة، “ناهيك عن السرقة التي تحدث في الليل من قبل عناصر تلك الفصائل التي يلتهم قاداتهم الأخضر واليابس.”

وكان تقرير لجنة التحقيق الدولية قد اتهم فصائل المعارضة المسلحة التابعة لتركيا بـ”ارتكاب جرائم حرب تتمثل في خطف الرهائن والمعاملة القاسية والتعذيب والاغتصاب”.
كما أشار إلى أن “عناصر الجيش الوطني ارتكبوا انتهاكات بحق المدنيين في سري كانيه(رأس العين) وعفرين،… ونهبوا ممتلكات الكرد بأنحاء منطقة عفرين على نحو منسق.”
التهريب لإدلب
وقال أحد بائعي الحطب، رفض ذكر اسمه، ومن مستوطني الغوطة في مدينة عفرين، إنه يقوم بشراء الحطب الذي تقوم أغلب قيادات وعناصر في فصائل “الجيش الوطني” بقطعها وتحطيبها.
ومن ثم يقوم بتهريبه عبر طرق خاصة بالتهريب بين منطقة عفرين وإدلب الواقعة تحت سيطرة هيئة تحرير الشام.
وأضاف “أقوم بشراء كل أنواع الحطب وعلى وجه الخصوص الزيتون الذي يعد أغلى تلك الأنواع لسهولة استخدامه في المدافئ والذي وصل سعر الطن في السنة الماضية إلى /200/ ألف ل.س.”
يبلغ عدد أشجار الزيتون الّتي قُطِعت أكثر من /150/ ألف شجرة، بحسب تقديرات هيئة الزراعة في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا.