دمشق – نورث برس
تعبّر السيدة السبعينية، نهى بيروني، من سكان حي القدم في العاصمة دمشق، عن أسفها لأن ابنتها فضّلت البقاء في المنزل على الزواج، ما جعلها تواجه مفاهيم مجتمعية بالية.
ويتسبّب تأخّر سن الزواج للفتيات بمشكلة اجتماعية قديمة في سوريا واستجدت خلال الحرب، تتمثل في تعرضهن لتسميات ومفاهيم اجتماعية يصفنها بـ”المعيبة”.
وقالت “بيروني” إن طول فترة الخطوبة نتيجة عدم قدرة خاطب ابنتها على تأمين عمل واستئجار منزل منفصل عن أهله تسبّب بفسخ خطوبة ابنتها.
ورغم أن الأم ترى ما حدث الحلّ الوحيد للمشكلة، إلا أن الأمر جعلها تشاهد “واقعاً مريراً.”
وتنتشر عادات التنمّر على الفتاة المتأخرة في الزواج بشكل أكثر في المجتمعات السورية “المتزمتة دينياً أو المنتمية لأعراف ريفية وعشائرية”، بحسب طالبات في الجامعة.
إلا أن ذلك لم يمنع ملاحظتها في المدن الكبرى وفي العاصمة وحتى بين طلبة الجامعة والمتخرّجين منها.
وقالت نورا سموح (20 عاماً)، وهي طالبة هندسة مدنية وعلى أبواب التخرّج، إن من المعيب استخدام تسمية “العنوسة” للإشارة إلى حالة كل فتاة تأخّرت في الزواج.
وأضافت لنورث برس: “هؤلاء الفتيات قد يكنَّ قدمن أشياء أفضل سواء من جهة العلم أو العمل، فالحياة لا تنتهي بمجرد الزواج.”
وتعتقد “سموح” أن “الزواج لا يعطي الفتاة قيمةً مضافة ولا يجعلها سيدة مجتمع، على عكس تجارب النجاح في الحياة.”
وحتى وفق العادات والتقاليد، “تتباين السن المقبولة اجتماعياً لزواج الفتاة بحسب المنطقة وطبيعة مفاهيمها المجتمعية.”
واعتبرت سهى الشاطر، وهي مدرّسة عشرينية، أن المصطلحات والتوصيفات المجتمعية للفتاة تخضع لفكر قائلها، وهي “ليست مرتبطة حتى بعمر الفتاة سواء بلغت الثلاثين أو الأربعين.”
وترى أن على الأهل في كل الأحوال دفع الفتاة لإتمام التعليم والنجاح في العمل وفي النهاية الزواج، “وليس التفكير في تزويج الفتاة بعمر الـ/١٧/ عاماً أو مقارنتها مع نماذج من محيطهم.”
وتشكِّل هجرة الشباب، والظروف المعيشية المتدهورة، والانخراط في الأعمال القتالية أبرز أسباب تأخّر الزواج في سوريا، بحسب من تحدثن لنورث برس.
وباتت سوريا تتقدم دولاً مثلا مدغشقر وزمبابوي وسيراليون، لتأتي في صدارة قائمة الدول الأكثر فقراً في العالم، وفق بيانات موقع “World By Map” العالمي، بنسبة بلغت /82.5/ %.
بينما وجدت سنى حمدون، وهي طالبة عشرينية تدرس في معهد التعويضات السنية، أن بعض الأهل يتحمّلون مسؤولية كبيرة لتأخر زواج الفتيات “بسبب غلاء المهر.”
وقالت: “لا يتم مراعاة وضع الشاب المادي بل يضع البعض معوقات للضغط على الخاطب ما يتسبب بعزوف الشباب عن الزواج.”
وترى “حمدون” أن تأخّر الزواج يتسبّب بظواهر سلبية لدى الشباب أيضاً، مثل الذهاب بعيداً عن “الأبواب الصحيحة والشرعية”.