رشا عمران.. شاعرة سورية مقيمة في القاهرة تروي تجربتها الشعرية خلال رحلة لجوئها

القاهرة – نورث برس

تروي رشا عمران، الشاعرة السورية المقيمة في القاهرة، لـنورث برس، تفاصيل حياتها في مصر، وأثر الأزمة التي تواجهها بلادها على تجربتها الشعريّة.

وتقول الشاعرة الخمسينية إنها قادمة من بلدٍ “يتلاشى شيئاً فشيئاً”، محملةً “ببقايا أحلام بالتغيير، وآمال أضحت تراباً ومقابر ومعتقلات.”

وبدأت علاقة “عمران” بالأدب منذ صغرها عبر ما قرأته في الرواية، من نصوص عربية وعالمية مختلفة.

ورغم اهتمامها الشديد بالتفاصيل وذاكرتها “القوية”، إلا أنها “لجأت إلى الشعر في زمن الرواية.”

“أنا شاعرة أخرى”

كلُّ ما حصل ويحصل في سوريا، لم يفصل عمران عن بلدها الأم، “لكن كان من الطبيعي أن تتغير رؤيتي للكتابة وللشعر وللغة الشعرية، ولمفهوم الشعر أصلاً.”

تقول: “نعم، تغيّرت كتابتي ومفرداتي عن نتاجي قبل الثورة، تغيّرت جداً إلى حدٍّ كأن من تكتب هي شاعرة أخرى.”

وتستدرك عمران: “أنا فعلاً امرأة أخرى لا تشبه تلك التي كانت قبل 2011 إلا بتفاصيل قليلة، ما حدث غيّرني تماماً وغيَّر كل ما يتعلق بي.. الكتابة أولها.”

العيش وحيداً

وتصفُ الشاعرة قدومها من سوريا: “كنت امرأة وحيدة تقترب من الخمسين.. قادمة من أمل أصبح تراباً ومقابر ومعتقلات لا يعلم أحد ما يحدث داخلها.”

وكانت الشاعرة تعيش في سوريا إما مع عائلتها أو ابنتها الوحيدة، “لأول مرة يتاح لي أن أختبر معنى الوحدة بمفهومها المادي قبل النفسي.”

وفي أول سنتين من حياتها في القاهرة، كانت الكارثة السورية في “أوجها.”

 “ولم نكن قد تعودنا بعد على كل هذا الموت، ولم نكن تعودنا على أن نعيش حياتنا وسط ما يحدث في الوطن”، تقول عمران.

وتضيف: “ثمة حاجة للحياة هنا، إن قصّرت في كتابة مقالاتي قلَّ مصدر عيشي، وأنا أحتاج لأن أعيش بكرامتي أكثر من حاجتي لأكون روائية أو لأزيد عدد كتبي.”

ويقتصر نتاج الشاعرة حالياً على الشعر والمقالات الدورية، “أنا أكتب مقالتين في الأسبوع، وهما مصدر دخلي الوحيد.”

الشاعر والأزمة

ولا تعتقد عمران أنه يمكن الحديث عن تجربة “الشاعر السوري” في الحالة السورية خلال الأزمة.

وتفسِّر ذلك بأن “الشعراء السوريون أصابهم الانقسام والاصطفاف الذي أصاب المجتمع السوري كلّه.”

الوحدة والغربة والبحث عن المؤنس في الشعر والأصدقاء الجدد، مفردات تغلِّف تجربة الشاعرة التي تكابد ظروفاً استثنائية في مدينة صعبة وقاسية مثل القاهرة، على حدِّ تعبيرها.

وتقول: “أتيت إلى القاهرة ولا أعرف سوى قلّة من الأصدقاء، ثم بدأت حالة النزوح السوري إلى القاهرة قبل 2013، كنت وسط البلد كما لو أني في دمشق، يمكنني أن التقي مصادفةً بأي سوري أعرفه.”

وبعد 2013، غادر معظم السوريين مصر، بعد صدور قوانين تعيق إقاماتهم ودخولهم إلى مصر.

“تقريباً كلُّ من أعرفهم من السوريين غادروا، ومن كنت أعرفهم من المصريين علاقتي بهم انقطعت لأسباب عديدة.”

وتعرفت الشاعرة بعدها على أصدقاء مصريين وسوريين جدد، “لم أكن أعرفهم من قبل، وبدأت أؤسس لذاكرة هنا.”

وتقول: “لا تتخيل كم هو صعب أن تؤسس ذاكرة وأنت في منتصف حياتك في مكان لا خيوط لك لأي تفاصيل فيه.”

“ولكنني عنيدة ومحظوظة بقدرتي على اختيار أصدقاء استثنائيين، ربما هي خبرة الحياة أيضاً، أو حدس الشاعرة.”

والوطن بالنسبة للشاعرة هو حيث تشعر أنك “محاط بمن يحبّونك ويمنحوك الطمأنينة والأمان.”

وتقول: “ثماني سنوات جعلتني أكثر قوة وحسماً في علاقاتي بالآخرين، وأكثر قدرة على الاهتمام بخلق تفاصيل مع الأصدقاء تبقى كعلامات على صداقات “قوية ومحصّنة.”

ولم تتأثر الشاعرة السورية بغربتها ووحدتها في القاهرة، “أنا أعيش في مجتمع تقريباً يشبه مجتمعي السوري إلى حدٍّ ما”، بحسب “عمران”.

ولكن “حتماً” ثمّة صدام نفسي “حصل داخلي بعد خروجي من سوريا بالطريقة التي خرجت بها، وحياتي في مصر.”

إعداد: محمد أبو زيد – تحرير: معاذ الحمد