عاد لإنقاذ حماماته تحت القصف.. مهجر يستعيد لحظات خروجه من عفرين

ريف حلب الشمالي- نورث برس

مع ساعات غروب كل يوم تحلق أسراب الحمام بمسارات دائرية منتظمة في سماء مخيم “سردم” الخاص بمهجري منطقة عفرين بريف حلب الشمالي.

ويقول هاشم عبدالله ( 33عاماً) أحد المقيمين بمخيم سردم، أسراب الحمام هذه كانت تحلق فوق سماء مدينة عفرين قبل أكثر من عامين.

وبعد تحليق استمر لعدة دورات هبطت الطيور إلى كوخ كان هاشم قد خصصه لها قرب خيمته.

وكان “عبدالله” قد هُجِرَ من مسقط رأسه، في الخامس عشر من شهر آذار/ مارس 2018، تاركاً خلفه كل ما يملك.

 ويقول إن قصف الطائرات التركية والقذائف التي كانت تنهال على مدينته، لم تتح له الفرصة لإخراج ثياب أطفاله.

وأدت العملية التركية إلى تهجير أكثر من /300/ ألف شخص من منطقة عفرين، وفق إحصائية لمنظمة حقوق الإنسان في عفرين.

وكان على “عبد الله”، أن يصعد بدراجته النارية مع زوجته الحامل وأطفاله الثلاثة “جبل الأحلام” بناحية شيراوا جنوبي عفرين، للوصول إلى مناطق ريف حلب الشمالي.

ولجأ “عبد الله” كمعظم مهجري منطقته إلى السكن في منازل شبه مدمرة في قرية أم الحوش بريف حلب، قبل أن يتم إنشاء خمسة مخيمات للمهجرين.

 لكنه وما أن اطمئن على سلامة عائلته، بدأ يشعر بالضيق لأنه ترك طيوره في عفرين التي كانت تشهد حينها أعنف المعارك والقصف.

وفي وقت كان كثير من المهجرين قد تركوا خلفهم منازل ومعامل وأوراق رسمية وكل ما كانوا يملكون، كان “عبد الله” يفكر حينها بالعودة لإخراج حماماته.

ورغم النصائح التي سمعها حول خطورة العودة مع اقتراب القوات التركية والفصائل من المدينة، لكنها لم تفلح في عدوله عن الرجوع، في خطوة يراها الآن “غير منطقية”.

ويقول، “أردت العودة لإخراج الحمام، فأنا أعتبرها بمثابة أطفالي، أتعامل معها كأنها أفراد من عائلتي ولا أستطيع التخلي عنها.”

ويعود شغف “عبد الله” بتربية الحمام إلى /15/ عاماً خلت، وهو ما دفعه للمخاطرة بحياته والعودة إلى عفرين قبل يوم من سيطرة تركيا  والفصائل على عفرين.

يقول “عبدالله”: مع وصولي إلى عفرين التقيت بمسن حذرني من إن المدينة باتت فارغة وأن علي مغادرتها سريعا ذلك أن الفصائل وصلت إلى حي المحمودية.

” كانت الطائرات الحربية تحلق في السماء، حينما وصلتُ إلى منزلي في حي الأشرفية، لأجد بابه مفتوحاً والحمام يحوم فوقه.”

يتذكر تلك اللحظة : “امتلأت عيناي بالدموع عندما هبط الحمام فوراً، وكأنه استجاب لصيحاتي. لقد كانت جائعة.”

تمكن “عبد الله” من إخراج غالبية طيوره، “جمعت ما استطعت منهم ووضعتهم في كيس وأخرجتهم  معي من المدينة.”

“لم أرغب بتركهم ورائي، لأني أعلم أن تلك الفصائل كانت ستقوم إما ببيعها أو ذبحها.”

ويقول عبدالله “ما أن وصلت بها إلى بر الأمان حتى قمت بقصقصة أجنحتها لمنعها من الطيران والعودة إلى بعفرين.

“هذه الحمام من النوع الزاجل المرقع الموصلي، وهو نوع نادر جداً إذ أنها لا تنسَ موطنها مهما مر وقت على ابتعادها عنه.”

ويقضي “عبد الله” حالياً جل وقته مع طيوره، ويقوم بإطعامها والاهتمام بها كما كان يفعل على سطح منزله قبل نحو ثلاثة أعوام.

ويقول بنبرة خانقة، “عندما أتعب وتضيق بي الدنيا، أجلس مع حماماتي أشرب كوبا من الشاي أو القهوة واستمع إلى صوتها، فتعيدني الذاكرة إلى عفرين وذكرياتها.”

 إعداد: دجلة خليل- تحرير: سوزدار محمد