رغم تشديد الحراسة.. مهربون من تل كوجر على الحدود مع العراق “لا يعدمون الوسيلة”

تل كوجر (نورث برس)

مع غروب الشمس ينطلق عادل العلي من ريف بلدة تل كوجر (اليعربية)، بريف ديرك، بسيارته باتجاه قرية مجاورة ليلتقي أحد شركائه في عملية التهريب القادمة.

يقول عادل العلي (50 عاماً)، وهو اسم مستعار، لـ”نورث برس”، إنه يعمل في التهريب منذ ثلاثين عاماً، وإنه لا يعرف عملاً غيره.

حاله كحال الكثيرين من الرجال على طول الحدود السورية العراقية في ريف تل كوجر، والذين لجؤوا إلى التهريب لسد النقص في مصادر الدخل في المنطقة، ولا سيما خلال سنوات الجفاف وأعوام الحرب بعدها.

“الفتوح”

وقال “العلي” إن التهريب في عهد الحكومة السورية كان يتم بآلية يسميها مهربو المنطقة “الفتوح”، وتتم بدفع الرشاوى لحرس الحدود لفتح الطريق أمام عبور البضاعة المهربة.

بينما يتكفل المهرب العراقي بتأمين الطريق من الجانب الآخر للحدود بالطريقة نفسها.

وأضاف أن المنطقة من الهول، جنوب شرق الحسكة، إلى تل كوجر بالقرب من الحدود العراقية، كانت طيلة عقود خط تهريب عبر استغلال مناطق تضعف فيها الرقابة أو يقبل الموكلون بحراستها رشى مالية.

وذكر الرجل الخمسيني أن الحدود من الجانب العراقي أصبحت أكثر صرامة مؤخراً بعد وضع نقاط رسمية وتزويدها بكاميرات حرارية، الأمر الذي خفف من عمليات التهريب.

 إلا أنه استدرك بأن المهرب “لا يعدم إيجاد لوسيلة”.

أرباح كبيرة

وعن طبيعة المواد المهربة، قال “العلي” إنه يقوم بإدخال علب الدخان وأجهزة الموبايل إلى داخل الأراضي السورية، كما أنه يقوم بتهريب الأبقار إلى الأراضي العراقية.

ولفت إلى أنه يعمل مع شبكة من المهربين و”الكراشة” (وهو لفظ محلي يعتمده المهربون للإشارة إلى عمال مياومة في عمليات التهريب وظيفتهم العتالة ونقل البضائع والمواشي).

ورغم عدم ثبات أرباح هؤلاء المهربين، إلا أن بعضهم يقدر متوسط ما يحصل عليه من عمليات التهريب بما بين /٥٠/ و/١٠٠/ دولار يومياً، وهو مبلغ كبير بالنسبة لمداخيل المهن والأعمال الأخرى.

بينما يتم تصريف البضائع المهربة في الأسواق عبر بيعها لتجار في مدينة القامشلي، بحسب “العلي”.

“إجراءات مشددة”

من جانبه، قال أحمد (20 عاماً)، وهو اسم مستعار لشخص يعمل بتهريب الأشخاص من سوريا إلى العراق، إن عمله انتعش كثيراً إبان العملية العسكرية التركية في سري كانيه (رأس العين) وتل أبيض.

وقال إن المئات من الأشخاص عبروا خلال شهر واحد.

لكنه اتفق مع “العلي” في أن أعمال التهريب تقلصت مؤخراً، “بسبب الاستقرار النسبي والإجراءات المشددة على جانبي الحدود”.

ولم تُدلِ إدارة جمارك تل كوجر بأي معلومات لـ”نورث برس” عن الإجراءات المتبعة مؤخراً “لدواعٍ أمنية”.

لكن موظفاً في جمارك تل كوجر، طلب عدم نشر اسمه، قال إن إدارة الجمارك شددت مؤخراً إجراءاتها على الحدود لمنع عمليات التهريب.

وأضاف أنها تمكنت من تفكيك شبكات تهريب وإلقاء القبض على بعض المهربين ومصادرة بضائع مهربة.

وبحسب قوله، فإن المواد المهربة تختلف من منطقة إلى أخرى، “فهناك البنزين والمواشي والأدوات الكهربائية والتقنية وحتى المخدرات والأسلحة أحياناً، بالإضافة إلى تهريب الأشخاص”.

وقال هاني الركاد، وهو مختص في مجال الاقتصاد من بلدة تل كوجر، إن عمليات التهريب تؤثر بشكل سلبي على اقتصاد المنطقة.

وأضاف أن “التهريب مشكلة عالمية، وحتى الولايات المتحدة عجزت عن منعها على حدودها مع المكسيك”.

لكنه شدد على أن “قرارات اقتصادية تتخذها الادارة الذاتية تصبح عديمة الجدوى إذا لم يتم ضبط الحدود”.

إعداد: طريف الهلوش  –  تحرير: عكيد مشمش