إسطنبول ـ نورث برس
تتزايد حدة التوترات شرق المتوسط بين تركيا واليونان والتي بدت من خلال التصريحات تارة ومن خلال التحركات البحرية تارة أخرى.
ويأتي ذلك رغم كل محاولات التدخل سواء من ألمانيا أو حتى من حلف شمال الأطلسي الناتو، إلا أنها لم تجد نفعا حتى الآن.
ويرى مراقبون أن تركيا وعلى الرغم من تصريحها بأنها مستعدة للحوار والتعاون من أجل الوصول إلى تقاسم عادل للحقوق شرقي المتوسط، إلا أنها تخفي “تعنتاً شديداً”.
وكانت تركيا قد أعلنت عن تمديد مهام سفن التنقيب شرق المتوسط، إضافة للإعلان عن المناورات التي تجريها بين الفينة والأخرى والتي زاد الإعلان عنها خلال تلك
الفترة.
وفي السياق ذاته توجه تركيا أصابع الاتهام لليونان بأنها السبب في زيادة التوتر الحاصل شرق المتوسط.
كما تتهم دولا أوروبية وأهمها فرنسا في دعم اليونان ضد تركيا في تلك المنطقة.
وتحاول أطراف عدة التدخل سواء ألمانيا من خلال المستشارة “أنغيلا ميركل” التي تواصلت قبل أيام عن طريق اتصال مرئي مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وكان ملف شرق المتوسط على قائمة المباحثات.
ويضاف إلى تدخل ألمانيا، ما أعلن عنه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي الناتو، ينس ستولتنبرغ، الخميس، حول عقد اتفاق بين كل من تركيا واليونان للدخول في حوار من أجل تجنب الحوادث شرقي المتوسط.
إلا أن الملفت للانتباه كان خروج وزير الخارجية التركي مولود تشاويش أوغلو، بتصريحات صحفية عقب إعلان أمين حلف الناتو عن تلك المبادرة.
وقال “أوغلو”: إن “اليونان كذبت وغيّرت موقفها بعد الموافقة على مبادرة حلف الناتو.”
وأضاف أن “ممارسات اليونان هي أكبر مثال على كذبها وسوء نيتها حيال قبول الدخول في محادثات معنا.”
وحول السيناريوهات المتوقعة، قال رشيد حوراني، وهو باحث في المؤسسة السورية للدراسات وأبحاث الرأي العام: إنه “بناء على التحركات السياسية والعسكرية في المنطقة، يمكن الوقوف على ثلاث سيناريوهات ستعمل تركيا على تنفيذها.
ومن هذه السيناريوهات، بحسب حديث “حوراني” لنورث برس، أن قناة “TRT” الرسمية بثت مشاهد من الحرب التركية اليونانية في بداية القرن الماضي.
ويعتبر ذلك رسالة تركية إلى اليونان، في أنها “جاهزة لبدء العمل العسكري ضد اليونان في سبيل الحفاظ على حقوقها التي يقرها القانون الدولي”.
والسيناريو الثاني، يتمثل بمحاولة الولايات المتحدة الضغط على تركيا من خلال مد الدول صاحبة العلاقة في موضوع الخلاف بالضغط على تركيا.
في حين يتضمن السيناريو الأخير، بحسب “حوراني”، الذي يقيم بالقرب من إسطنبول، “القبول بالمفاوضات” وهو ما أتى على لسان أكثر من مسؤول تركي مؤخراً.
وقبول المفاوضات يكون بطريقة تحفظ لتركيا حقوقها كاملة، “خاصة أنها باتت تجاهر برغبتها في رسم مسار للسياسات الإقليمية والدولية التي تراعي قيمها ومصالحها في آن واحد”. بحسب “حوراني”.
وتتباين الآراء فيما يخص شرقي المتوسط وفيما إذا كانت ستشهد عملاً عسكرياً أو صداماً عسكرياً بين تركيا واليونان.
ويأتي هذا وسط الحديث عن إرسال تعزيزات عسكرية تركية إلى المنطقة الحدودية مع اليونان، قبل أن تخرج مصادر عسكرية، مساء أمس السبت، وتنفي لوسائل إعلام تركية رسمية صحة ما يشاع عن تلك التعزيزات.
وفي هذا الجانب رأى محمد المذحجي، وهو محلل سياسي في حديث لنورث برس، أن تركيا تضغط من أجل أن تحصل على جزء من غاز شرق المتوسط، “وحتى الآن لم توافق القوى الإقليمية والدولية على طلب تركيا هذا”.
ولهذا تلجأ أنقرة للتصعيد العسكري “لكي تخلق طاولة للمفاوضات، إلا أن اليونان حتى اللحظة لم توافق”، بحسب “المذحجي” والذي يقيم في لندن.
وأضاف، “أردوغان يحتاج لتصعيد عسكري خارجي بهدف ردع معارضيه في الداخل خاصة أحمد داوود أوغلو(رئيس الوزراء التركي السابق الذي يشن بشكل مستمر هجوماً على أردوغان بسبب سياساته الخارجية وفق مراقبين)”.
ووسط كل ذلك يعول مراقبون على تدخل أمين حلف الناتو في الصراع الدائر ما بين تركيا واليونان لإيجاد الحلول السريعة قبل أن تتفاقم الأزمة.